الذباب الإلكتروني وسياسة بن سلمان في تسقيط من لا يروق له

خاص – مركز جزيرة العرب للدراسات والبحوث
لم يكن مفاجأً التقرير الذي أصدرته إدارة المنصة الاجتماعية العالمية “تويتر”، في بداية هذا الشهر. جاء في التقرير، أن المنصة قامت بإيقاف وحذف قرابة 9 آلاف حساب وهمي، داعم لحكومتي المملكة العربية السعودية ومصر، ويوجه انتقادات لإيران وتركيا وقطر، بما يتعارض مع سياسات موقع التواصل الاجتماعي.
ويعود السبب في عدم المفاجأة تلك، هو أنها ليست المرة الأولى التي تحذف شركة تويتر حسابات مرتبطة بمصر والسعودية والإمارات، لانتهاكها سياسات النشر على “تويتر”. كما أن تويتر لم تكن الوحيدة التي قامت بهذا الإجراء، إنما جاء قرارها بعد قرار منصة التواصل الاجتماعي الأكثر شهرة بالعالم “فيسبوك” الشهر الفائت، حينما قامت بإزالة آلاف الحسابات المزيفة في مصر والسعودية والإمارات لنشرها معلومات مضلّلة بشأن مناطق النزاع الساخنة في الشرق الأوسط.
في ديسمبر/كانون الأول الماضي، وبعد أسابيع من توجيه السلطات الأميركية اتهامات بالتجسس لثلاثة سعوديين لوصولهم إلى بيانات شخصية لمعارضين على تويتر، أعلنت الشركة أنها حذفت نحو ستة آلاف حساب. وسبق لإدارة تويتر، أن قامت بحملات سابقة لإلغاء حسابات تتعلق بالمملكة السعودية والامارات في السنوات الماضية، والتي تدعم التوجهات الحكومية السعودية والإماراتية، ومع ذلك فقد استمرت الحكومتان في نهجيهما بتشكيل ما اصطلح عليه لاحقًا بـ”الجيوش الإلكترونية” أو “الذباب الإلكتروني” لتحشيد الرأي العام في دولها ودول أخرى، لصالح المشاريع التي تقوم بها، أو للعمل على تسقيط خصومها الداخليين والخارجيين.
ما هي الجيوش الإلكترونية؟
اصطُلِح على الحسابات الوهمية أو “الروبوتية” التي تنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي ترعاها دولٍ ذات إمكانيات كبيرة، بـ”الجيوش الإلكترونية”، وأحيانًا يصلح عليها بـ”الذباب الإلكتروني”، تبتغي منها تلك الدول، الترويج لسياساتها و محاولة كسب التعاطف الشعبي معها، وتستغلها أيضًا في التسقيط السياسي لخصومها، لتصبح جزًا من حربها السيبرانية ضد خصومها، بسبب ما لهذه المواقع من تأثيرٍ جديٍ على المجتمعات.
استخدمت العديد من الدول هذا النهج في تأثيرها على الرأي العام الداخلي، وبرزت المملكة العربية السعودية وبعض دول الخليج كالإمارات، بقوة في هذا المجال، وخصصت ميزانيات ضخمة لها. فالسعودية مثلًا، اتخذت من منصة تويتر مجالًا لتنفيذ خططها، كونه الموقع الاول من حيث الاستخدام في بلدها، وقامت المملكة باستخدام هذا الموقع لعمليات دعائية سرية وعالية التنظيم، تهدف إلى السخرية من أعدائها، ودعم حكوماتها وحكومات باقي الدول الحليفة لها.
ولتوضيح فكرة استخدام الجيوش الإلكترونية، يقول الكاتب براين ويتيكر، إن “هناك تكتيك يقوم على إغراق تويتر بنسخ متعددة من التغريدات المتطابقة، تأتي من حسابات وهمية (روبوتية) مبرمجة لنشر هذه التغريدات في فترات زمنية محددة. ورغم أن موقع تويتر يقوم بإغلاق المئات من تلك الحسابات، لكن يتم إنشاء حسابات أخرى جديدة. وموضوع هذه التغريدات في غالبها يقوم بتأجيج التوترات الطائفية في المنطقة، وعرقلة أي مناقشة حقيقية حول موضوعات معينة، من خلال إغراق الهاشتاغات ذات الصلة بهذه التغريدات الوهمية”.
ويمكن الكشف عن الحساب إذا كان وهميًا أم لا، من خلال النظر لعوامل عديدة، مثل التشابه في تاريخ إنشاء الحساب، وعدد المتابعين، وأوجه التشابه في المحتوى المنشور. كما ويلاحظ على شبكات الذباب إنها لا تعمل بشكل متقطع، إنما هي نشطة باستمرار، وتنتج أحيانًا أكثر من 2500 تغريدة يوميا.
المملكة العربية السعودية تُجند جيوش إلكترونية لها في بلدان مختلفة
في الوقت الذي يزيل موقع تويتر، دوريًا حسابات مرتبطة بالمملكة العربية السعودية، إلا أن الأخيرة توظف حسابات لها خارج المملكة وأحيانًا خارج المنطقة، تعمل على تضخيم المحتوى الذي يشيد بالقيادة السعودية، وينتقد دولٍ مثل قطر والنشاط التركي في ليبيا وسوريا واليمن وغيرها. ومن الشركات التي ترعاها المملكة السعودية لأغراض الدعاية تلك، وقذف خصومها، هي شركة مصرية تعرف باسم “الفجر” قام موقع تويتر بحذف ما يصل إلى 2541 مرتبط بها، وقد اتهم تويتر هذه الشركة بأنها أنشأت حسابات غير حقيقية لتضخيم الرسائل التي تنتقد إيران وقطر وتركيا، وتتلقى الشركة تعليماتها من الحكومة المصرية للقيام بذلك. شركة أخرى قامت بنفس هذه المهمة -والكلام ما يزال لموقع تويتر- “شاركت في عملية تضليل إعلامي من خلال الحسابات المرتبطة بها، طالت بالأخصّ قطر ودولاً أخرى مثل إيران”، وهي حسابات أنشأتها وأدارتها مؤسسة تدعى “دوت دوف” والمتمركزة في مصر والإمارات.
كما جرى تعطيل ستة حسابات مرتبطة بوسائل إعلام سعودية رسمية “بسبب الجهود المنسقة الهادفة إلى توسيع نطاق انتشار رسائل لمصلحة الحكومة السعودية”. ووفقاً لتويتر، فإنّ هذه الحسابات كانت تعرّف عن نفسها بأنّها “هيئات صحافية مستقلة بينما في الحقيقة هي تنشر خطابات مؤيدة للحكومة السعودية”.
وفي مقالٍ للكاتب مارك أوين جونز نُشر بموقع ميدل إيست آي البريطاني، قال فيه، أن ما يسمى بشبكة “ديافولو”، التي تروج في الغالب للمحتوى المرتبط بمحطة الأخبار “24 السعودية” وقنواتها الشقيقة، كانت مسؤولة عن نشر خطاب الكراهية الطائفية ونظريات المؤامرة حول حادثة مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي. ويقول جونز، “إن البحث عن الوسم المتعلق بدولة في الشرق الأوسط، يقودك للعثور على حسابات الروبوت التي تعرف باسم “الذباب الإلكتروني” والتي صممت لتبدوا معقولة نوعًا ما، لكن تحليل الحسابات يشير إلى أن الشبكة تتكون على الأرجح مما يصل إلى 3700 حساب آلي أو نصف آلي”. وبعد تلقي شكاوى على شبكة “24 السعودية” والحسابات المرتبطة بها عام 2016، قام موقع تويتر بتعليق 1800 حساب، لكن الشبكة على ما يبدو، كانت أكبر من ذلك بكثير، ولم ينجح هذا الإجراء في عرقلة نشاطها، حيث إنها ما زالت تنشر الدعاية المؤيدة للسعودية والمعلومات المضللة.
لكن الكاتب يلقي بتساؤل حول مدى جهل تويتر بتحويل تطبيقها إلى سلاح بيد السعودية، رغم أن الحكومة الامريكية اتهمت جواسيس سعوديين عملوا في تويتر بالتجسس لصالح الرياض. ومع ذلك، ومع عِلم تويتر بعملية الاختراق تلك، إلَّا أن رئيسها التنفيذي جاك دورسي، التقى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان. وعلى ما يبدو، فإن من المرجح أن يظل التلاعب بالمنصة شكلا مقبولا من أشكال فرض السيطرة في منطقة الشرق الأوسط، تستخدمه الدول لفرض أجنداتها.
تسقيط خصوم بن سلمان الداخليين
استمرت محاولات بن سلمان تسقيط خصومه سواء داخل العائلة المالكة أو خارجها، ومن أمثلة ذلك، الحملة التي انطلقت لوصم محمد بن نايف ولي العهد السابق، بتهم وافتراءات تحُط من قدره لصالح بن سلمان، بالإضافة لاتهام الأمير أحمد بن عبد العزيز وخمسة أمراء آخرين بالإضافة إلى إطلاق يد مرتزقته الذباب الإلكتروني، لخدمة سياسات بن سلمان، في التحريض والتشويه الذي طال كبار الأمراء الآخرين والمعتقلين في المملكة.
ومن أبرز عمليات التشويه ومحاولات النيل من سمعة خصومه داخل العائلة المالكة التي انتهجها بن سلمان، هي تلك التي نالت من عمه الأمير أحمد بن عبد العزيز وولي العهد السابق محمد بن نايف، اللذان جرى التحريض عليهما بشكل واسع بعد اعتقالهما. فقد اتهمت حسابات الذباب الإلكتروني، الأمير بن نايف بإساءة الإدارة، وتعاطي المخدرات، معتبرة تلك التهم، هي واحدة من الأسباب التي بررت عزله سابقا، إلى جانب محاولاته لاستعطاف الشعب السعودي عن طريق علماء الدين والتعامل مع التيارات الدينية، على حد قولها. وبفضل الضوء الأخضر الذي تلقاه سعود القحطاني -المستشار في الديوان الملكي فيه حينه والمسؤول المباشر عن الذباب الإلكتروني- من الملك سلمان وابنه، قام القحطاني بترويج الشائعات والتوجيهات التي يتلقّاها من بن سلمان، حيث كشف الكاتب الصحفي البريطاني ديفيد هيرست أن قصة إدمان ولي العهد السعودي السابق محمد بن نايف على الأدوية المسكنة التي نشرتها صحيفتي ”نيويورك تايمز” و”وول ستريت جورنال” ووكالة “رويترز” للأنباء، مجرد حكاية سعودية لتدمير سمعته، أتبعها القحطاني بسيل من التغريدات التي عمدت على تشويه سمعة محمد بن نايف.
لم يتوقف الامر عند هذا الحد، بل أصبحت التغريدات التي ينشرها بعض المسؤولين الحكوميين كافية لإدانتهم وأبعادهم عن مناصبهم، هذا ما حدث لوكيل إمارة منطقة جازان “عبد الله المديميغ”، وذلك بعد قيامه بتغريدات وصفت بأنها “مسيئة للوطن”، رغم أن تغريداته قديمة العهد وتعود إلى سنة 2013، لكن هذا لم يعفه من المحاسبة والإقالة من منصبه وشن حملةٍ شعواء عليه بموقع تويتر واتهامه بالخيانة والانتماء للإخوان، كل ذلك بسبب بعض تغريداته التي مدح فيها أحد المشايخ السعوديين، وانتقاده لتصرفات الحكومة المصرية ضد الاخوان المسلمين، بالإضافة إلى وصف المملكة بالحلوب كناية على انفاقها غير المبرر لبعض دول العالم.
وتستمر محاربة حرية الرأي في السعودية، لتطال هذه المرة حتى الناشطين الذين كانوا بالأمس القريب من المطبلين للنظام السعودي نفسه، لكن هذا لم يشفع لهم عن “ولاة الامر” ويعفيهم من العقوبة والزج بالسجن نتيجة تغريدات ومشاركات لم تُكن محسوبة بعناية، هذا ما حصل لمجموعة من نشطاء موقع التواصل “سناب جات” أخيرًا، مثل أبو نورة ومنصور الرقيبة .
حتى الصمت لا يعفي صاحبه من المحاسبة
وفي طريقة جديدة وغريبة يتبعها الجيش الالكتروني السعودي في محاربة منتقدي النظام السعودي، حتى لو أنهم قد تركوا الاهتمام بالسياسية أو الشأن العام، لكن وبسبب تغريداتهم السابقة، فأنهم تحت طائلة الحساب ولا يعفون من العقوبة، هذا ما نشرته صحيفة “عربي 21” حينما ذكرت في تقرير لها، بأن السلطات السعودية شنت الأسبوع الماضي، حملة اعتقالات طالت العديد من الناشطين، والمغردين، وبعض من الدعاة، كان القاسم المشترك بينهم، هو “صمتهم” عن الحديث بأي شأن سياسي داخلي منذ مدة طويلة، لكن كان لهم تغريدات تنتقد النظام السعودي قبل سنوات عديدة. وأضافت الصحيفة، إن هناك حملات ما اصطلح عليه بـ “نبش التغريدات” تُشارك فيها حسابات شهيرة تحمل أسماء وهمية، مثل “مجموعة نايف بن خالد” و “بن هباس” و”الردع السعودي” و”خميني بريدة”، والتي يرجح أنها حسابات حكومية، تقوم بالبحث عن تغريدات قديمة لبعض هؤلاء “الصامتين” ويعيدون تغريدها لغرض التسبب في اعتقالهم أو إقالتهم من مناصبهم الحكومية” وأشارت الصحيفة، من اللافت أن هذه الحملات لم تستهدف فقط الشخصيات التي كانت معروفة بانتقاداتها للنظام السعودي، إنما استهدفت شخصيات موالية للعهد الجديد بقيادة ابن سلمان بشكل تام، لكنها مع ذلك لم تنجوا من التحريض عليها.
طالت تلك الاعتقالات ايضًا، نشطاء ومدونون معروفون بالوسط السعودي، من مثل، راكان العسيري، ومحمد الجديعي “جدّوع”، وحسن القرني، ومغرد ملقب بـ”بوجاسم”. أما عن الناشطون المعتقلون في مواقع “تويتر” و”سناب شات”، فمن الذين عرفت أسمائهم، ومنصور الرقيبة، ومحمد الفوزان “أبو نورة” رغم ابتعاد الأخير عن الكتابة بالسياسة، وتأييده لرؤية ولي العهد محمد بن سلمان 2030.”، بالإضافة إلى عدد من الدعاة من مثل ماجد الغامدي، وإبراهيم الدويش، وخالد الشهري، وآخرين، بعد اتهامهم بنشر الإرجاف وبث الخوف، لقولهم إن “كورونا” عقوبة من الله!. ثم اعتقلت السلطات محمد الفوزان “أبا نورة”.
وتندرج تلك الإجراءات مع قوانين كانت قد سنتها ليس السعودية فقط، إنما العديد من دول الخليج في السنوات الأخيرة الماضية، تسمح لها بمعاقبة كل الذين ينتقدون ليس فقط قادتهم وسياساتهم الحكومية، ولكن أيضًا سياسات دول الخليج الأخرى.
المملكة تطلق يد القحطاني في الفضاء الإلكتروني
وفي سبيل تحقيق كل تلك الأهداف التي تريدها المملكة أو بالتحديد، ما يريده بن سلمان، من منصة “تويتر” قامت بإطلاق يد سعود القحطاني في هذا المجال حتى أصبح يدعى أمير الجيوش الإلكترونية. والقحطاني، شخصية مقربة من الأمير محمد بن سلمان، وهو نفس الشخص الذي اتهم بالتورط في عملية قتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في أكتوبر/تشرين الأول 2018 في القنصلية السعودية في اسطنبول، وهو أيضًا من قام بالحرب على الإعلاميين الذي يعتبرهم “مسيئين” للسعودية، ونشر أسمائهم و”إساءاتهم” كما يدعي، في سلسلة تغريدات على حسابه الرسمي في تويتر، من خلال هاشتاغ ”#قائمة_سوداء_للاعلامين_المسيئين”.
وفي سبيل تسليط الضوء على هذه الشخصية المغمورة، قام أحد الحسابات الشهيرة في تويتر، بنشر معلومات عن هذا الرجل، كشف فيها الجانب الخفي من سيرته. فقال، إنه كان لا يعرف عنه سوى أنه كان معيدا في كلية البحرية، ثم قفز إلى مستشار في الديوان الملكي السعودي. عُرِفَ عنه عداوته للدين، والانتماء لفئة المتصهينين العرب، ولا أدل على ذلك من أنه اختار لانطلاقه أكثر المنصات تمثيلا لهذا التيار، وهي صحيفة “إيلاف”.
وبتوجيه من “ولاة الأمور” في المملكة، هاجم القحطاني الإسلاميين وغير الإسلاميين من معارضي الحكومة، مثل د. الحامد، ود. الفالح، وعلي الدميني، لتبرير اعتقالهم والأحكام التي صدرت بحقهم. ثم قاموا بعد ذلك بتفريغ القحطاني لرصد الانترنت ووسائل التواصل والرد عليها، وظن الكثير بعد وفاة الملك عبدالله أنه سيتم طرد سعود القحطاني، لكن تبين لمحمد بن سلمان أنه الشخص الذي يحتاجه ويحقق له مراده، وأعطاه صلاحيات شاملة وحصانة كاملة لمحاربة الإسلاميين ومن يسمونهم خصوم الدولة، ثم دعمه لإنشاء جيش ضخم يرصد ما يُكتب في وسائل التواصل وتتبع مصدر كل تغريدة وتحليلها. وإنشاء جيش آخر للكتابة بحسابات وهمية في وسائل التواصل للدفاع عن وجهة نظر السلطة. واستقطاب أكبر عدد من المخترقين في الداخل، وإغراء المخترقين في الخارج للأعمال التجسسية، ورصد الكتاب المهمين في التويتر من السعوديين وغير السعوديين وإغرائهم. كما واستخدم القحطاني “ثقافة التشهير بخصومه” عبر وسائل الإعلام، وقام باختراق الكثير من المواقع الإلكترونية، وتشويه سمعة المواطنين.
ورغم أن موقع تويتر ذكر في بيان له أنه “تم تعليق حساب سعود القحطاني بشكل دائم؛ لانتهاكه سياسات تويتر”، وذلك بعد نحو عام من الاشتباه بضلوعه في قتل الصحفي جمال خاشقجي، إلَّا إنه يُعتقد إنه ما يزال يمارس أعماله بذات الوتيرة، فقد أشارت تسريبات إلى أن ما يعرف برئيس الجيش الإلكتروني السعودي سعود القحطاني، تمكن عبر عاملين معه، من اختراق مكتب “تويتر” عبر توظيف بعض عناصره، ومن ثم الاستيلاء على بيانات بعض المغردين في السعودية؛ ما أدى إلى كشفهم واعتقالهم واختفائهم قسرياً.
لم يكن القحطاني وغيره من الذباب الإلكتروني ليقدم على أفعاله تلك من تلقاء نفسه بدون ضوء أخضر ممن يمسك بمقاليد الأمور في البلاد، حيث أن القحطاني اعترف بذلك في معرض رده على أحد المغردين الذي سأله قائلًا: “أخ سعود ما تلاحظ تغرد وكأنك الملك أو ولي العهد، إلي أنت فيه تكليف وليس تشريف: لا تنسَ نفسك الله يحفظك، والحكومة تعرف كل مغرد وكل منافق وكل محب”، فما كان من القحطاني إلا أن رد عليه بالقول “وتعتقد أني أقدح من رأسي دون توجيه؟ أنا موظف ومنفذ أمين لأوامر سيدي الملك وسمو سيدي ولي العهد الأمين”.
إن اعتماد ابن سلمان على دور الذباب الإلكتروني في تحقيق سياساته ما هو إلا كسراب يحسبه الظمآن ماءً، فالعاملين في المجال ليسوا سوى أجراء مرتزقة ينشطون متى ما كان تدفق المال نشطاً ويختفون حينما يتوقف جريان المال، أو حينما يأتي من يدفع أكثر، فليس لهم ولاء حقيقي ولا مبدأ ثابت، فهل يعي ابن سلمان ذلك أم يتمادى في غيّه وطغيانه؟