تقارير

استجابة السعودية السريعة لمطالب ترامب بخصوص اسعار النفط… تخبط جديد في سياسة بن سلمان الصبيانية

خاص – مركز جزيرة العرب للدراسات والبحوث

لم تحظ فعلة بن سلمان بزيادة صادرات النفط السعودي، برضى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، رغم أن بن سلمان كان يستهدف بذلك الإجراء، توجيه ضربه تأديبية للدب الروسي حينما رفض تخفيض صادراته النفطية كما طلبت منه السعودية، للمحافظة على سعر النفط دون تهاويه لمستويات قياسية، بعد أن أدخل فيروس كورونا العالم في ركود اقتصادي حقيقي، فأقدم بن سلمان على حركته المفاجئة وغير المتوقعة بإغراق السوق العالمي بالنفط، يهدف بها لتأكيد قيادته وقيادة بلده للسوق النفطي بالعالم، لكن لم يدر في خلده، أن إغراق السوق النفطي هي كشعلة نار سوف يتطاير شررها ليتجاوز روسيا لتصل إلى شركات النفط الأمريكية، الذي أزعجها هذا التصرف المتسرع، وانسحب هذا الانزعاج إلى الإدارة الامريكية، وكذا الحال مع أعضاء بمجلس الشيوخ الأمريكي وبدفع من الشركات النفطية الامريكية الغاضبة من التصرف السعودي، والمتضررة من انخفاض أسعار النفط.

المشرعون الامريكيون يهددون المملكة بالعقوبات

هذا الامر جعل عددٍ من المشرعين الأمريكيين إلى أبداء تشددٍ والتهديد بإجراء تشريعي ضد السعودية في حال  لم تخفض الرياض إنتاج نفطها ‏طوعا، بل وصلوا إلى تهديد بن سلمان بسحب جميع القوات الأميركية وأنظمة الدفاع ‏الصاروخية من السعودية، ما لم تقم الرياض بدور بنّاء في إعادة الاستقرار لأسواق النفط، وحسب صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية ونقلا عن مصادر لم تسمها، قالت، أن الرئيس الأميركي ‏دونالد ترامب، يعتزم الاجتماع بالمسؤولين التنفيذيين لشركات النفط الامريكية، لبحث تقديم مساعدة ‏محتملة للقطاع النفطي، تشمل إمكانية فرض رسوم على واردات الخام من السعودية.‏ وفي ظل التحديات التي تعيشها المملكة  سواء بالجانب الاقتصادي أو العسكري بسبب تورطها بحرب اليمن، ربما سوف لن تكون لها قدرة على تحمل مثل تلك الإجراءات العقابية في الوقت الحاضر.

طوق نجاة من ترامب لابن سلمان، لكنه مشروط

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وعلى عادته قام برمي طوق النجاة لأبن سلمان لتخليصه من الإحراج والورطة التي أدخل نفسه فيها، ورفع الحرج عنه ليعلن أنه أجرى اتصالًا معه وحثه على التواصل مع روسيا لدعم استقرار السوق النفطي. حينما أعلن في تغريدة له قائلا فيها: “إنه سيدخل في محادثات مع السعودية وروسيا، لبحث تراجع أسعار النفط” وأضاف في تغريدة أخرى له: ” تحدثت للتو إلى صديقي ‏ولي العهد السعودي، والذي تحدث مع الرئيس الروسي ‏بوتين، وأتوقع وآمل أن يخفضوا إنتاج ما يقرب من 10 ملايين برميل، وربما أكثر من ذلك ‏بكثير، إذا حدث ذلك، سوف يكون ذلك عظيماً لصناعة النفط والغاز قد يصل إلى 15 ‏مليون برميل. أخبار سارة (عظيمة) للجميع!”، لكن رد الكرملين لم يتأخر حينما نفى أن اتصالًا حدث بين بوتين وبن سلمان حول موضوع أسعار النفط، وأكد المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، إنه لا توجد خطط في الوقت الحالي ‏للاتصال مع السعوديين بشأن ‏الوضع في سوق النفط، دون أن يُذكر “بن سلمان” في تصريح الكرملين لنفي زعامة بن سلمان على السوق النفطي العالمي كما يريد.

استجابة بن سلمان السريعة لمطالب ترامب

لكن بن سلمان كان رد فعله مختلفًا عن بوتين، إثر المكالمة التي أجرها معه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حيث دعت المملكة العربية السعودية، إلى عقد اجتماع “عاجل” بين أعضاء مجموعة الدول المصدرة للبترول “أوبك +” ومجموعة من الدول الأخرى استجابة لطلب ترامب، بهدف السعي إلى “اتفاق عادل” يعيد التوازن إلى أسواق النفط، حسبما أفادت وكالة الأنباء السعودية، والسبب في ذلك حسب ما أوردته الوكالة ذاتها، هو “تقديرًا” لطلب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وطلب أصدقاء آخرين في الولايات المتحدة. وعلى إثر ذلك سجلت أسعار النفط، الخميس، قفزة هائلة بأكثر من 13% متأثرة بتصريحات الرئيس الأميركي، ودعوة السعودية لاجتماع عاجل للدول المنتجة إثر توسط الولايات المتحدة بين الرياض وموسكو لوقف حرب الأسعار بينهما، ذلك بعد هبوط سعره إلى نحو 16.87 دولار في بداية نيسان الحالي، وهو أدنى سعر لبرميل ‏النفط منذ عام 2005.‏

من يتصرف كالصغار لا يحجز مقعدًا له مع الكبار

وعلى ما يبدو فإن المملكة السعودية بقيادة بن سلمان وسياسته المتخبطة، لن تستطيع التحكم في كمية إنتاجها النفطي، وربما ليس لها الحق في ذلك، ذلك ما رأيناه حينما تدخل ترامب قبل سنتين في الضغط على السعودية وأوبك لزيادة انتاجها حينما تجاوز سعر برميل النفط حاجز الـ 86 دولار، مدفوعة بالعقوبات على إيران، حينما دخلت الحزمة الأولى منها في أغسطس/ آب 2018، ما دفع الرئيس الأمريكي في ثلاث مناسبات للتغريد على تويتر، مطالبا “أوبك” بخفض الأسعار فورا. وها هو اليوم يتدخل حينما انهارت أسعار النفط دون الـ 30 دولار. ورغم كل التصرفات الارتجالية التي قام بها بن سلمان في سياساته الخارجية والاقتصادية فإنها لم تكن تعني شيئًا لترامب، لكن حينما تصطدم تلك التصرفات بمصالح العم سام، فإنه سوف يعمل على فرملته بقوة.

وبعد هذا التراجع للمملكة من إصرارها في حرب الأسعار التي شنتها على روسيا، هل استطاع بن سلمان تأكيد قيادته للسوق النفطي العالمي؟ أم إنه زاد من الحقيقة التي يعرفها الجميع، وهي أنه لا يمكنه مناطحة الكبار؟ وهل سيعي بن سلمان بأنه مهما كان دعم ترامب له وفي كافة المجالات، والتغاضي عن جرائمه في اسطنبول وجرائمه في اليمن، لكن إذا وصلت الأمور إلى مرحلة تتأثر بها الشركات الأمريكية سلبًا، فإن ترامب على استعداد للتخلي عنه؟ إلى أين سيقود بن سلمان المملكة بسياسته الارتجالية والمتسرعة؟ وهل نشهد قريبًا تراجعًا للدور السعودي في قيادة السوق النفطي، وزعامة المنطقة العربية؟ بالوقت الذي كانت تمتلك فيما سبق، منصب القيادة في هذا المجال؟

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى