أخبار

بالأدلة الدامغة.. الإمارات تدير الحرب في السودان وتموّل جرائم الإبادة الجماعية

بالأدلة الدامغة.. الإمارات تدير الحرب في السودان وتموّل جرائم الإبادة الجماعية

في بيان صادر عن القوات المسلحة السودانية يوم الأحد 16 فبراير/شباط 2025، كشف الجيش السوداني عن امتلاكه أدلة قاطعة على استمرار الدعم العسكري الذي تقدمه دولة الإمارات لمليشيا الدعم السريع بقيادة حميدتي، مؤكداً أن لديه تفاصيل دقيقة حول عمليات تسليح المليشيا، ومسارات نقل السلاح، والدول التي تفتح أجواءها وحدودها البرية لتمرير هذه الإمدادات. البيان العسكري أوضح أن الإمارات لم تكتفِ بدعم المليشيا منذ بداية الحرب، بل واصلت ضخ الأسلحة والعتاد حتى اللحظة، مما يؤكد أن الدور الإماراتي ليس مجرد دعم سياسي أو لوجستي، بل هو تورط كامل في مشروع الإبادة الجماعية والتطهير العرقي الذي تنفذه قوات الدعم السريع في السودان، في محاولة لتغيير الواقع الديموغرافي وفرض سلطة أمر واقع عبر العنف والمجازر.

ما كشفه الجيش السوداني ليس مجرد اتهامات إعلامية أو تسريبات غير موثقة، بل أدلة ميدانية ملموسة، حيث أشار البيان إلى أن القوات المسلحة تمتلك وثائق وبيانات تثبت مسارات الرحلات الجوية التي تحمل شحنات السلاح، وكيفية تمريرها عبر دول مجاورة، كما أكد أن الأسلحة التي تستخدمها مليشيا الدعم السريع في استهداف محطات الكهرباء والمرافق الحيوية -مثل محطة أم دباكر- تأتي ضمن شحنات قدمتها الإمارات بشكل مباشر. وما يعزز هذه الأدلة، هو أن الجيش كان قد عثر في أكتوبر/تشرين الأول 2024 على مركبات عسكرية ضخمة تحمل لوحات إماراتية في منطقة جبل موية بولاية سنار، وهي المنطقة التي استعاد الجيش السيطرة عليها بعد أن كانت مليشيا الدعم السريع قد اتخذتها قاعدة لإدارة عملياتها وقطع خطوط الإمداد عن مناطق أخرى.

لم تكن المركبات وحدها هي الدليل، فقد تم العثور على قذائف هاون وذخائر بعيارات مختلفة، تحمل علامات واضحة تثبت مصدرها الإماراتي، ورغم محاولات المليشيا طمس البيانات الموجودة على صناديق الذخيرة، إلا أن جزءًا كبيرًا من الشحنات لا يزال يحمل رموز الجيش الإماراتي. إضافة إلى ذلك، تم العثور على أدوية ومعدات طبية عليها علامات تجارية إماراتية حديثة التصنيع، مما يدل على أن الإمدادات لم تتوقف وأن هناك خط إمداد مستمر تعمل عليه أبو ظبي لدعم المليشيات التي ترتكب أبشع الجرائم في السودان.

الإمارات لم تكتفِ بتقديم الأسلحة فحسب، بل تحولت إلى غرفة عمليات لهذه الحرب، حيث أشارت التقارير إلى أن المسارات التي يتم عبرها تهريب السلاح تبدأ من أبو ظبي، مرورًا بدول مثل يوغندا وتشاد وأفريقيا الوسطى، ليتم بعدها تسليم الإمدادات إلى مليشيا الدعم السريع داخل السودان، في عملية تهريب ممنهجة تهدف إلى إطالة أمد الحرب، وضمان استمرار حالة الفوضى التي تخدم المصالح الإماراتية في المنطقة.

ومما يجدر الإشارة إليه إلى أنه في مارس/آذار 2024، قدمت الحكومة السودانية شكوى رسمية إلى مجلس الأمن الدولي تتهم فيها الإمارات بدعم التمرد، وتقديم العتاد الحربي لقوات الدعم السريع، وإيصال شحنات أسلحة عبر مطارات في تشاد قبل نقلها إلى دارفور، لكن رغم هذه الشكوى، لم يتحرك المجتمع الدولي لوضع حد لهذا الدعم، وهو ما شجع الإمارات على التمادي في هذا الدور التخريبي دون أي حساب أو عقاب.

ما تقوم به الإمارات في السودان ليس استثناءً، بل هو امتداد لدورها القذر في تمزيق الدول وتفتيت المجتمعات العربية والإسلامية، فقد سبق لها أن لعبت الدور ذاته في اليمن وليبيا وسوريا، حيث قامت بتمويل الجماعات المسلحة، ودعمت الانقلابات العسكرية، ونفذت أجندات تهدف إلى تعطيل أي نهضة عربية حقيقية.

الدور الإماراتي في السودان لم يقتصر فقط على السلاح، بل امتد إلى محاولات إعادة هندسة المشهد السياسي، عبر دعم الفوضى وتقوية الجماعات المسلحة على حساب أي محاولة لإعادة بناء الدولة السودانية. هذا المخطط، الذي تنفذه أبو ظبي، يقوم على استثمار حالة الحرب في إضعاف السودان، وجعله سوقًا مفتوحة للنفوذ الإماراتي، كما فعلت في اليمن، حيث استخدمت الحرب للسيطرة على الموانئ والجزر الاستراتيجية، وتحويل البلاد إلى مناطق نفوذ تتحكم فيها عبر أدواتها العسكرية والاقتصادية. في السودان، تسعى الإمارات إلى تحقيق النتيجة ذاتها، عبر إغراق البلاد في دوامة من العنف المستمر، وضمان عدم خروجها من هذه الحالة، حتى تتمكن من فرض أجندتها دون أي مقاومة.

المجازر التي ارتكبتها مليشيا الدعم السريع بحق المدنيين، خصوصًا في دارفور، والتي وثقتها المنظمات الحقوقية الدولية باعتبارها جرائم تطهير عرقي، لم تكن لتتم لولا السلاح الإماراتي الذي وفر لهذه المليشيا القدرة على القتل والنهب والتهجير القسري. عشرات الآلاف من السودانيين قتلوا أو تم تشريدهم، ومدن بأكملها تم تدميرها، في وقت تواصل فيه الإمارات تقديم الدعم السخي لهذه المليشيا، ما يجعلها شريكًا أساسيًا في هذه الجرائم، وليس مجرد طرف خارجي محايد كما تحاول أن تسوّق لنفسها أمام العالم. هذه الجرائم لم تعد خافية على أحد، لكن التواطؤ الدولي، سواء بالصمت أو التجاهل، يجعل من الإمارات قوة فوق المحاسبة، قادرة على ارتكاب الجرائم والانتهاكات دون أن تخشى أي عواقب، وهو ما يعكس مدى فساد المنظومة الدولية التي تتيح لأنظمة مثل الإمارات أن تواصل جرائمها دون أي مساءلة.

السكوت عن هذه الجرائم لم يعد خيارًا، وما يقوم به الجيش السوداني من كشف الحقائق حول الدور الإماراتي هو خطوة في الاتجاه الصحيح، لكن المطلوب اليوم ليس فقط فضح هذه الجرائم، بل محاسبة النظام الإماراتي على كل قطرة دم سودانية سُفكت بسلاحه وتمويله. استمرار هذا الدعم يعني استمرار الحرب، والمزيد من الضحايا، والمزيد من التدمير، وهو ما يتطلب تحركًا حقيقيًا لوضع حد لهذا الدور التخريبي، وإيقاف آلة القتل التي تديرها أبو ظبي في السودان وغيره من الدول التي دفعت ثمن التدخل الإماراتي في شؤونها الداخلية.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى