الغارديان: الأحكام الصادرة بحق قتلة خاشقجي لن تحرر السعودية من المسؤولية
مركز جزيرة العرب للدراسات والبحوث – متابعات
نشرت صحيفة “الغارديان” البريطانية، مقالاً للصحفي “سايمون تيسدال” قال فيه إن الحكم الذي صدر على المتهمين بقتل الصحفي جمال خاشقجي وإعدام بعضهم لا يعني أنه سيحرر السعودية من السموم، لأن جريمة القتل البشعة في القنصلية السعودية بإسطنبول فضحت المملكة، وتركت ضرراً على موقعها الدولي وأضرت بطريقة لا يمكن إصلاحها بسمعة ولي العهد.
وقال إن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، لو كان يعتقد أن الحكم بإعدام خمسة تعساء لا حيلة لهم بجريمة قتل الصحافي المعارض جمال خاشقجي سينهي القضية ؛ فهو مخطئ.
وأضاف: “باختصار تفوح رائحة كريهة من كل الأمر، ولن يذهب العنف ولا الرائحة المثيرة للغثيان من المحاكمة الزائفة التي لا تشبه أي إجراء قانوني، وستبقى الجريمة البشعة علامة صارخة، ولا يمكن أن تمحى من سمعة وضمير الأسرة الحاكمة“.
وأضاف أن التعاقدية الخرقاء في المحكمة الجنائية بالرياض، التي أدانت ثمانية أشخاص يوم الاثنين افتقدت المصداقية منذ البداية، بعد أن عقدت المحاكمات بسرية كاملة، مما أدى إلى فقدان الثقة بها منذ البداية، وزادت الشكوك حول إمكانية التخلص من الأشخاص المتهمين، والدليل أن مستشار ولي العهد السابق سعود القحطاني تم الإفراج عنه بدون توجيه تهم له.
وأشار إلى أن نائب المدعي العام السعودي قد قال في وقت سابق إن القحطاني قام بمناقشة قضية خاشقجي مع فريق القتل الذي أرسل إلى إسطنبول، وأن القحطاني نسق مع نائب مدير المخابرات السعودي أحمد عسيري الذي حاول إجبار خاشقجي على العودة قسراً إلى السعودية.
ومن هنا جرى الحديث عن عملية قتله “المارقة”، وأن أعضاء الفرقة تصرفوا بطريقة فردية، وتم نقل القحطاني والعسيري إلى وظائف أخرى، وتم تقديم عسيري للمحاكمة، لكن الحكم الصادر يوم الاثنين، قال إنه حر طليق نظراً لعدم وجود أدلة، وقد أنكر الرجلان أي مسؤولية عن قتل خاشقجي، مثلهم مثل ولي العهد ابن سلمان.
وفي مقابلة مع شبكة “سي بي أس” الأمريكية قال ابن: “هذه جريمة بشعة وأتحمل مسؤوليتها بصفتي قائد السعودية، لأنها ارتكبت من أشخاص يعملون في الحكومة السعودية”، وعند سؤاله إن كان قد ارتكب الجريمة أجاب: “لا مطلقا”.
وقال الكاتب إن المحاكمة تبدو مقنعة للزعيم السعودي، فهي تعطيه الفرصة للقول إن العدالة تحققت وتم تحديد الأشخاص المذنبين وإدانتهم.
وأضاف أن أحكام الإعدام “البربرية” في حد ذاتها تظل ابتدائية، ويمكن للمدانين الاستئناف عليها وإلغاؤها، وربما يُفرج عنهم عندما ينحرف نظر العالم عن المملكة في فترة ما، ولكن المحكمة لن تمحو العار، حيث وجد تقرير نشرته المقررة الخاصة بالأمم المتحدة “أغنيس كالامارد” في يونيو الماضي “أدلة موثوقة” عن تورط مسؤولين بارزين في الجريمة بمن فيهم ولي العهد.
ويعتبر قتل خاشقجي جريمة خارج القضاء وإعداماً فورياً، والتحقيقات التي قامت بها السعودية وتركيا التي حدثت الجريمة على أراضيها فشلت في الالتزام بالمعايير الدولية.
وقالت كالامارد إن السعودية ربما كانت تعرقل مسار العدالة، وطالبت بوقف المحاكمة، ولكن الرياض رفضت نتائج التقرير وتوصياته إلى الأمم المتحدة.
ولم تكن كالامارد وحيدة في موقفها؛ بل إن المخابرات الأمريكية التي لم يكن لها أي سبب لإحراج حليفة الولايات المتحدة ذهبت إلى أبعد من ذلك، فقد قال المسؤولون إنهم توصلوا لنتيجة موثوقة جداً أن الأمير هو من أمر بالقتل، وذلك بناء على أدلة من مصادر متعددة.
وقام شقيق ولي العهد، الأمير خالد بن سلمان، الذي عينه الآن نائباً لوزير الدفاع، بالاتصال بخاشقجي، وحثه على الذهاب إلى القنصلية السعودية في إسطنبول، وطمأنه بأن الأمور ستكون جيدة.
وقال الكاتب إن الشخص الوحيد الذي صدق الرواية السعودية، وإن لم يكن يصدقها في سراً؛ هو دونالد ترامب الذي قدم عدداً من المواقف التي أكد فيها أنه لن يسمح لجريمة قتل خاشقجي بإخراج العلاقات الأمريكية- السعودية عن المسار، والتي تقوم على المصالح المشتركة والسلاح والنفط والكراهية لإيران، وقد ناقض ترامب موقف مخابراته، كما فعل عندما رفض تقييمها للتدخل الروسي.
ويؤكد الكاتب أنه إذا اعتقد بن سلمان أن شخصاً أرعناً في البيت الأبيض يمكنه حماية سمعته واحترامه، فهو شخص واهم، فالجريمة أثارت غضب الكونغرس.
وأشار إلى أن الكثيرين في الكونغرس يفضلون وقف صفقات السلاح إلى السعودية، كما فعلت بريطانيا دول أوروبية.
وكشفت الجريمة عن انتهاكات حقوق الإنسان المنظمة في السعودية، والحرب على اليمن، وأجبرت الغرب على مواجهة السؤال المتعلق بعلاقتهم مع السعودية، والتظاهر بأنها دولة عادية رغم سجلها البربري في معاملة المرأة وانتهاك حقوق الإنسان والحكم الديكتاتوري.
ويختم الكاتب بالقول إن العدالة لم تتحقق، ولم يتم الانتقام لخاشقجي الذي كانت جريمته هي الانتقاد بشكل علني، والتعبير بشجاعة عن معارضته للقمع والاستغلال في وطنه، و ”لا يزال قتلة خاشقجي ينتظرون العقاب والفضح، ومهما روج النظام لقصة تغطي على الجريمة فقد تم بذر بذور الشك، وبالنسبة للأمير محمد ومن معه فقد كانت حصاداً مراً”.