تقارير

السلطات السعودية تحقق مع 4 ضباط بقضية رشاوى بقيمة 57 مليون دولار.. لماذا التغاضي عن الأمير بندر بن سلطان وقد واجه نفس التهمة؟؟

السلطات السعودية تحقق مع 4 ضباط بقضية رشاوى بقيمة 57 مليون دولار.. لماذا التغاضي عن الأمير بندر بن سلطان وقد واجه نفس التهمة؟؟

أعلنت “هيئة الرقابة ومكافحة الفساد” في السعودية أنها تحقق مع أربعة ضباط برتبة لواء في الحرس الوطني، بقضية رشى تبلغ قيمتها حوالي 57 مليون دولار أمريكي.

وقال بيان صادر عن الهيئة نقلته وكالة الأنباء السعودية “واس” إنها باشرت التحقيق بعدد من القضايا الجنائية خلال الفترة الماضية، أبرزها التحقيق مع ضابط برتبة “لواء”، وثلاثة ضباط متقاعدين برتبة “لواء” لحصولهم خلال فترة عملهم بالوزارة على مبلغ 212 مليوناً و222 ألف ريال سعودي (57 مليونا و300 ألف دولار) على دفعات من مالك إحدى الشركات المحلية والممثل لشركات أجنبية مقابل تمكين الشركات الأجنبية من التعاقد مع الوزارة.

وكشفت الهيئة عن عشرين قضية فساد يتم التحقيق فيها، منها إيقاف مدير إدارة المشاريع بشركة مقاولات كبرى لقيامه بدفع مبلغ 24 مليون ريال سعودي نقدا وعلى دفعات كمصاريف سفر لموظفين حكوميين وعائلاتهم، مقابل التلاعب في الكميات والمواصفات المطلوبة في مشاريع حكومية.

ومن اللافت حسب بيان الهيئة، إيقاف عدد من الضباط من الهيئة ذاتها لقيامهم بأعمال مخالفة منها التواصل مع متورطين بقضايا فساد وادعائهم حفظ قضاياهم مقابل مبالغ مالية.

الجدير بالذكر ان الصفقة التي ابرمها الضباط الأربعة بالحصول على عمولات مقابل تمكين شركات اجنبية من التعاقد مع وزارة الدفاع السعودية وسيحاكمون بسببها سبق وأن حدثت من قبل و كان بطلها الأمير بندر بن سلطان ولم يُحاكم حتى الآن.

وكشفت عدة تقارير منها ما نشرته صحيفة “الجارديان” البريطانية وقتها نقلا عن مجموعة الدفاع البريطانية “بي ايه اي” بأنها أهدت الأمير بندر بن سلطان طائرة إيرباص اي 340 تبلغ قيمتها 75 مليون جنيه إسترليني في إطار صفقة اليمامة للتسلح. فضلا عن تكفلها بنفقات تكاليف شهر عسل ابنة الأمير بندر.. وهكذا تطاير دخان الصفقة وفضائح فسادها ما بين الرياض ولندن وعدة عواصم غربية؛ وما زال حتى كتابة هذه السطور رمادها ساخنا.

فوفقا لتقارير إعلامية بريطانية بعد حملة ولي العهد السعودي ضد ما سماه بالفساد العام الماضي فإن أكبر صفقة أسلحة في بريطانيا تتعرض لإمكانية فتح التحقيق فيها مرة أخرى بعد سنوات طويلة، بعد أن وضعتها السعودية في صلب تحقيق جنائي جديد في إطار حملة مكافحة الفساد في المملكة.

و”صفقة اليمامة” باختصار هي سلسلة من مبيعات الأسلحة من بريطانيا إلى السعودية بدأت عام 1985، تلقت مقابلها لندن ما يصل إلى600 ألف برميل نفط سعودي خام يوميا.. وأبرمت السعودية وشركة “بي أيه إي سيستمز” البريطانية لصناعة الأسلحة في سبتمبر 1985″الصفقة التي تجاوزت قيمتها 43 مليار جنيه إسترليني (حوالي 56 مليار دولار أميركي).

ووقع وزير الدفاع البريطاني الأسبق مايكل هيزلتاين ونظيره السعودي وقتها الأمير سلطان بن عبد العزيز المرحلة الأولى من صفقة اليمامة التي نصت على تزويد السعودية بـ 102 طائرة حربية (72 من طراز تورنيدو وثلاثين من طراز هوك) بالإضافة إلى أسلحة وأجهزة الرادار وقطع الغيار، وبرنامج تدريب للطيارين.

 سرية وفساد

وأحيطت الصفقة بسرية تامة بطلب من السعودية، وحاولت الحكومة البريطانية إخفاء كل التفاصيل المهمة عن الصفقة لسنوات، لكن وثائق رسمية نشرت عام 2016 في بريطانيا كشفت أن رئيسة الوزراء وقتها مارجريت تاتشر أجرت محادثات سرية مع حُكّام السعودية عام 1985 بشأن الصفقة. وأظهرت الوثائق الجهود الحثيثة التي كانت تبذلها حكومة تاتشر لبيع طائرات تورنيدو ومن طرازات أخرى للسعودية.

ونشرت صحيفة “الإندبندنت” مقالا في مايو 2004 أوردت فيه أن الصفقة تمت بمساعدة حساب مصرفي سري كان بمثابة القناة التي تم عبرها دفع رشى، وأن وزارة الدفاع فتحت تحقيقا في دفع “بي أيه إي سيستمز” لأكثر من ستين مليون جنيه خلال تنفيذ الصفقة. واعترفت الشركة البريطانية بأنها قدمت “خدمات مساعدة” لمسؤولين سعوديين معتبرة أن ذلك ليس منافيا للقانون، وذلك في رسالة مؤرخة في نوفمبر 2005 وجهتها إلى مكتب مكافحة الفساد الذي كان يحقق حينها في احتمال تلقي رشى في صفقة اليمامة.

عمولات بندر

وكشفت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) فى تحقيق يوم 7 يوليو 2007 المزيد من الأسرار، حيث أكد أن الأمير بندر – والذي لعب دور المفاوض عن الرياض في الصفقة – كان قد تلقى أكثر من ملياري دولار على مدى عقد من الزمن كعمولات مقابل دوره في إبرام الصفقة المذكورة. وأشار التحقيق إلى أن وزارة الدفاع البريطانية وافقت على المدفوعات السرية.

كما نشرت صحيفة الغارديان يوم 18 يناير 2008 تحقيقا عن وجود أدلة على طلب أفراد من الأسرة المالكة بالسعودية عمولات مالية مقابل دورهم في إبرام صفقات سلاح بين الرياض ولندن. ويقول المعلق بالصحيفة سايمون جينكينز إن الصفقة كانت منذ بدايتها محاطة بالفساد، حيث إن الوسطاء كانوا يطلبون في كل مرحلة من مراحلها إيداع عمولات في حسابات سويسرية وشقق وغيرها، مشيرا إلى أن كل شيء دخل هذه الصفقة، وذلك كما ورد في حديث الصحفي بالشريط الوثائقي الذي يحمل عنوان “سوداء اليمامة” وبثته قناة الجزيرة في أغسطس 2012.

هدايا ورحلات سياحية

وحول بعض مما تقاضاه الأمير بندر في الصفقة نقلت صحيفة “الغارديان” إن مجموعة الدفاع البريطانية أهدت الأمير بندر بن سلطان طائرة إيرباص اي 340 تبلغ قيمتها 75 مليون جنيه إسترليني في إطار صفقة اليمامة للتسلح. وأوضحت أن الطائرة التي تحمل اللونين الفضي والأزرق ألوان فريق كرة القدم الأميركية دالاس كاوبويز الذي يشجعه الأمير السعودي وتم إهداؤها إليه عام 1998 بمناسبة عيد ميلاده.

كما نقلت صحيفة “صنداي تايمز” عن مدير إحدى وكالات السفر ان مجموعة الدفاع البريطانية دفعت تكاليف رحلات أفراد في الأسرة الحاكمة في السعودية، وخصوصا شهر عسل ابنة الأمير بندر بن سلطان. وقال بيتر غاردنر المدير العام لوكالة ‘ترافلرز وورلد’ “تلقيت تعليمات من ‘بي ايه اي’ ان تكون رحلة شهر العسل لابنة بندر وزوجها على نفقة المجموعة”.

وأوضحت الصحيفة أن مسؤولا كبيرا في المجموعة البريطانية وافق على هذا الأمر، لافتة إلى ان كلفة هذه الرحلة التي استمرت ستة أسابيع ناهزت نصف مليون دولار. وأضاف غاردنر ان المجموعة البريطانية استخدمت وكالته لتنظيم رحلات لأفراد في الأسرة الحاكمة في السعودية، وشمل ذلك نفقات الفنادق وتذاكر السفر والشقق واليخوت والطائرات الخاصة والسيارات والحراس الشخصيين.

“تاريخ حافل بالفساد”

ويقول متابعون إنها ليست الفضيحة الأولى التي تطول بندر بن سلطان المعروف بعلاقته الوثيقة بالإدارة الأمريكية حيث أمضى عشرين سنة سفيرا لبلاده في واشنطن، بالاضافة الى علاقته المشبوهة في دعم الإرهاب في العراق من خلال إشرافه المباشر على تمويل ودعم ما يسمى بالجيش الإسلامي وفصائل إرهاب مسلحة تعمل مع القاعدة لنشر الدمار والقتل الجماعي في العراق. كما دوره المشبوه في التحريض الطائفي و محاولة إقامة أحلاف طائفية في المنطقة و بث الفتنة المذهبية. والأمير بندر الوحيد كان الوحيد من أفراد العائلة المالكة الذي برر علانية فساد أو سرقة المال العام في سبيل إنجاز التنمية في السعودية خلال لقاء تلفزيوني.وهو ما دفع المراقبين الى تسميته( أبو الفساد وعمولات التسلح).

“بندر بوش”

وهكذا وفي ظل الحملة المعلنة ضدّ الفساد من قبل السلطات السعودية، لا يمكن تجاهل حجم اتهامات الفساد التي طاولت الأمير بندر، رغم علاقاته المتينة الدولية والتي جعلت منه بمثابة وزير ثان للخارجية، وهو من اصطفاه ملوك السعودية لهندسة العلاقات السعودية الأميركية في فترة حرجة في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي.كما أنه المبعوث السرّي لهم كما جاء في كتاب “رسول الملك” لدايفيد أوتواي، ودام عمله سفيرا للسعودية لما يقارب 22 عاما.لدرجة ان الرئيس الأميركي جورج بوش الأب ووصولا إلى نجله جورج بوش الابن اعتباره أحد أبناء عائلته الأوفياء، وأطلقت عليه الصحافة الامريكية لقب “بندر بوش”!!

ابتزاز بسلاح الإرهاب

نجح الأمير بندر فى استثمار الأوضاع داخل وزارة الدفاع السعودية التى كان على رأسها والده لسنوات في أن يخوض في صفقات الأسلحة الأميركية السعودية، التي جعلت منه عرابها على مدى عشرين عاما، حيث تشير التقارير إلى أن الاتفاق على قيمة الصفقات وإتمامها بين أميركا والسعودية كان يخضع لبندر وحده لا غير.

ورغم علاقاته المتشعبة والوطيدة مع العواصم الكبرى وخاصة ببريطانيا، فانها لم تعصمه من توجيه أصابع الاتهام له من قبل المحكمة العليا البريطانية بتلقي رشى وعمولات في صفقات أسلحة خلال العقدين الماضيين. وتشير وِثائق الإدانة لبندر عن تلقيه ملياري دولار عبارة عن رشى مباشرة في صفقة اليمامة وتحويلها بطرق غير شرعية لحسابات في سويسرا وأميركا، فضلا عن إدانته بتهم غسيل الأموال. ولولا تدخل رئيس الحكومة البريطانية آنذاك، توني بلير، الذي استطاع أن يوقف قرار المحكمة للمصلحة، لحكم عليه جنائيا.

وكانت الصحف البريطانية قد عمدت إلى إبراز تهديد مباشر من الأمير بندر حذر من خلاله الحكومة البريطانية من أن اتخاذ لندن لخطوات في هذا الصدد قد يصعب الأمور بين الدولتين، ما قد يوقف التعاون في تزويد السعودية لبريطانيا بالمعلومات الكافية والمهمة حول الإرهاب. ولتجنب إمكانية حصول عمليات إرهابية على أراضيها، اضطرت الحكومة البريطانية حينها إلى إقفال الملف.

المصدر: الواقع السعودي

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى