تقارير

الولاء للصهاينة.. الهجري على خطى موفق طريف يلقي بالدروز في خسارة ربما لن تُعوض

الولاء للصهاينة.. الهجري على خطى موفق طريف يلقي بالدروز في خسارة ربما لن تُعوض

رفض المشروع الوطني السوري والارتماء في حضن إسرائيل.. كيف يدمر الهجري مستقبل الدروز؟

في الوقت الذي بدأت فيه سوريا تتعافى من دمار الحرب وتستعيد سيادتها عبر مؤتمر الحوار الوطني، كان المنتظر من كل القوى الوطنية أن تلتحق بهذا المسار التاريخي لصياغة دولة مدنية جامعة لكل السوريين. لكن على النقيض من ذلك، اختار حكمت الهجري، الزعيم الروحي للدروز في سوريا، المقاطعة ورفع شعارات لا تخدم سوى أجندات خارجية، متبنياً نهجًا شبيهًا بذلك الذي يقوده موفق طريف، زعيم الدروز في إسرائيل، الذي لا يخفي ولاءه للصهاينة ودعمه للمؤسسة العسكرية الإسرائيلية.

الهجري لم يكتفِ برفض المؤتمر الوطني السوري، بل ذهب إلى حد المطالبة بتدخل أجنبي في سوريا، في خطوة تهدف لتفتيت الدولة السورية الجديدة التي تسعى إلى ترسيخ نموذج مستقل بعيدًا عن التدخلات الإقليمية والدولية.

هذا الموقف يطرح أسئلة خطيرة: لماذا يصر الهجري على الارتماء في أحضان القوى الخارجية بدلًا من دعم مسار وطني شامل؟ وهل يدرك أنه يسير على طريق تحويل الدروز إلى أداة في مخططات إسرائيل والإمارات؟

مبررات واهية

يروج الهجري لدعواته بحجة أن “سوريا لا تملك حتى الآن قيادة قادرة على إدارة المرحلة الانتقالية”، وأنه يريد “ضمانات دولية” لمنع عودة الاستبداد. لكن هذا الطرح يفتقر إلى أي أساس واقعي، لأن سوريا بالفعل تمر بعملية سياسية وطنية غير مسبوقة بعد عقود من الدكتاتورية، وقد شهدت الأيام القليلة الماضية أدلة قاطعة على ذلك، كما شهد المؤتمر السوري حضور مئات الشخصيات من مختلف التوجهات، بمن فيهم المستقلون والإسلاميون والعلمانيون وممثلو العشائر. إذًا، أي مبرر يمكن أن يكون للهجري لعدم الانضمام لهذا الحراك الوطني الجامع؟

إذا كان يخشى من عودة الاستبداد، فهل التدخل الأجنبي هو الضمانة؟ هل التجارب السابقة في العراق وليبيا واليمن وسوريا سابقا تشير إلى أن “الرعاية الخارجية” هي الحل؟ أم أنها مجرد وصفة للفوضى والانقسامات التي لن يخرج الدروز منها إلا خاسرين؟

الأدهى من ذلك، أن الهجري لم يطالب فقط بتدخل خارجي، بل رفع شعارات اللامركزية كبديل عن الدولة المركزية، وهي لغة تتقاطع مع مشاريع التقسيم الإسرائيلية، حيث تسعى تل أبيب منذ سنوات إلى تفتيت سوريا إلى دويلات ضعيفة، بينها كيان درزي موالٍ لها. هذه الدعوة، وإن حاول تبريرها تحت شعار “الدولة المدنية”، فهي تعيد إنتاج المخطط الصهيوني لإضعاف سوريا من الداخل، تمامًا كما فعل موفق طريف في فلسطين المحتلة.

موفق طريف.. تجربة خاسرة وانهيار الانتماء الوطني للدروز في إسرائيل

لو أراد الهجري رؤية مستقبل دعواته للتدخل الأجنبي واللامركزية، فعليه أن ينظر إلى ما وصل إليه موفق طريف والدروز في إسرائيل، الذين تحولوا إلى أداة في يد الدولة العبرية، دون أن يحصلوا على أي حقوق فعلية.

موفق طريف لم يكتفِ بتأييد إسرائيل، بل قاد جهود ترسيخ ولاء الدروز للصهيونية، حتى أصبحوا جزءًا من الجيش الإسرائيلي الذي يقتل الفلسطينيين ويدمر غزة. تحت قيادته، أصبح الدروز في إسرائيل مجرد جنود في حروب لا ناقة لهم فيها ولا جمل، يُزج بهم في المعارك مقابل وعود فارغة بالمساواة في الحقوق، بينما في الواقع، ما زالوا يعانون من التمييز في الوظائف، ومن السياسات العنصرية التي تعتبرهم مواطنين درجة ثانية في أفصل الحالات.

 طريف الذي صار تابعا صهيونيا مطيعا استُخدم كآلية لتحقيق أحلام الصهاينة في المنطقة وبالطبع ليس بمعزل عن التابع الإماراتي، حيث التقى ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد في ديسمبر 2024، في خطوة أكدت أن الإمارات، التي تمول الثورات المضادة وتدعم الاحتلال الإسرائيلي، تهندس لاستخدام الدروز كأداة في مشاريعها الإقليمية. تمامًا كما تفعل إسرائيل، تعمل الإمارات على توظيف الطائفة الدرزية لإفشال أي مشروع وطني مستقل في سوريا، وهذا ما نراه اليوم عبر مواقف الهجري، ليس لمصلحة الدروز ولا اكتراثا لهم لكن كأداة لا أكثر.

فهل يريد الهجري أن يكون دروز سوريا مجرد جنود في معارك الصهاينة والإماراتيين؟ هل هذا هو المستقبل الذي يريده لمجتمعه؟

ما هو الثمن الذي سيدفعه الدروز بسبب هذه السياسة؟

الطائفة الدرزية، كانت عبر التاريخ جزءًا أصيلًا من النسيج الوطني السوري، وهي بهذه الأفعال اللا مسؤولة تواجه خطر العزلة السياسية والمجتمعية بسبب توجهات قادتها. عندما يرتمي زعيمها الروحي في أحضان القوى الخارجية بدلًا من أن يكون جزءًا من الحل الوطني، فإنه يعزل الدروز عن مستقبل سوريا الجديدة، ويضعهم في موقف الأقلية التي لا يمكن الوثوق بها.

على المدى البعيد، هذه السياسة ستؤدي إلى تهميش الدروز في المشهد السياسي السوري، حيث لن يكون لهم مكان في القرار الوطني إذا اختاروا الاصطفاف مع الأعداء بدلًا من الشراكة مع بقية السوريين. كما أن استعداء الحكومة الجديدة سيجعلهم عرضة لضغوط داخلية وخارجية قد تصل إلى حد الصدام المباشر، وهو سيناريو سيكون كارثيًا على الطائفة بأكملها.

في المقابل، لو اختار الدروز الانضمام إلى المشروع الوطني السوري، فسيكون لهم دور حقيقي في بناء الدولة، وستكون حقوقهم مضمونة من قبل حكومة تمثل جميع السوريين، وليس من قبل إسرائيل أو الإمارات التي لا ترى فيهم سوى أدوات مرحلية لتحقيق أهدافها.

الولاء للصهاينة ليس حلاً.. والدروز بحاجة لإعادة النظر في خياراتهم

ما يفعله الهجري اليوم ليس سياسة حكيمة، بل مغامرة غير محسوبة العواقب. التاريخ علمنا أن الرهان على إسرائيل والقوى الخارجية لا يجلب إلا الخسارة، تمامًا كما حصل مع دروز إسرائيل الذين رغم كل تضحياتهم في جيش الاحتلال، ما زالوا يعاملون كمواطنين من الدرجة الثانية.

على الدروز أن يسألوا أنفسهم: هل نريد أن نكون جزءًا من سوريا الجديدة، أم أن نتحول إلى أدوات في مشاريع إسرائيل والإمارات؟

الحل ليس في طلب التدخل الأجنبي، بل في الجلوس إلى طاولة الحوار الوطني والانضمام إلى مشروع بناء الدولة، لضمان حقوقهم كمواطنين سوريين كاملي الحقوق، وليس كأقلية تبحث عن حماية خارجية قد تصبح في أي لحظة عبئًا على من يحميها، وقد يُضحى بها كما ضُحي بغيرها من قبل إذا ما تغيرت المعادلات السياسية.

الدروز أمام خيار تاريخي: إما أن يكونوا جزءًا من سوريا القوية، أو أن يسقطوا في الفخ الذي سقط فيه موفق طريف، فيتحولوا إلى جنود في جيش الاحتلال دون أن يجنوا شيئًا سوى العزلة والخسارة، وإن قرروا العودة إلى الجماعة الوطنية السورية بعد هذه الخيانة العظمى فلن يكونوا في موضع ترحيب.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى