“الدرع الدرزي”.. هل تمهّد إسرائيل والإمارات لانفصال الدروز في سوريا؟

“الدرع الدرزي”.. هل تمهّد إسرائيل والإمارات لانفصال الدروز في سوريا؟
على مدار العقود الماضية، بقي الدروز في سوريا ضمن المشهد السياسي بحذر، متجنبين الاصطفافات الحادة في الحرب الأهلية، لكن التحولات الأخيرة تشير إلى تغير كبير في استراتيجيتهم. فبينما كانت السويداء تُعرف تاريخيًا بأنها “محايدة” في النزاع السوري، نشهد اليوم مظاهر تمرد مسلح ضد الدولة السورية، بدعم إسرائيلي – إماراتي غير معلن، لكنه واضح في التحركات الميدانية والتصريحات السياسية.
هل يتبنى الدروز مشروع تقسيم سوريا؟
وفقًا لوئام وهاب، فإن مشايخ الدروز في السويداء رفضوا الانضمام إلى القيادة السورية الجديدة، وأصروا على البقاء ككيان مستقل داخل الدولة. هذا التمرد لم يقتصر على رفض الإدماج العسكري، بل تعداه إلى إقامة مناطق شبه مستقلة، ورفض تواجد أي قوات تابعة للحكومة السورية فيها.
مبررات واهية
يبرر الدروز تحركاتهم وفقا لمقابلة وئام وهاب بأنهم يخشون أن يلقوا مصير الطائفة العلوية والشيعة في سوريا، لكن الحقائق على الأرض تثبت عكس ذلك، حيث لم تتعرض أي طائفة في البلاد لاستهداف منهجي طالما بقيت ضمن النسيج الوطني، ولم تُعامل إلا وفق القانون.
في المقابل، شهدت السويداء محاولات متكررة لنشر الفوضى، حيث حاول عناصر من الطائفة، بتحريض من إيران، تأجيج الوضع عبر الخروج إلى الشوارع، ونصب الكمائن، وقتل عناصر الأمن، والاعتداء على المدنيين. ورغم ذلك، أبدت الدولة السورية ضبط النفس، ولم تواجه هذه التحركات إلا بمحاسبة رؤوس الفتنة، بينما بقيت يدها ممدودة لباقي أبناء الطائفة الذين لم ينخرطوا في مشاريع التقسيم والفوضى.
الحقائق على الأرض تشير إلى أن الدولة تتعامل مع كافة مكونات الشعب السوري على أنهم مواطنون لهم حقوق وعليهم واجبات، دون تمييز أو استهداف. فما هو الدافع الحقيقي وراء تمرد الدروز؟ وهل يمكن اعتبار حمايتهم من قبل إسرائيل خطوة أولى نحو الانفصال والانضمام لاحقًا إلى كيان الاحتلال؟ خاصة وأن الواضح أن ما يجري في السويداء ليس مجرد اضطرابات محلية، بل مخطط إقليمي أعمق بكثير مما يبدو على السطح، يقف وراءه النظامين الإماراتي والإسرائيلي لإضعاف الدولة السورية ومنعها من التواجد كلاعب إقليمي مؤثر.
ولا يمكن عزل تلك الحالة عن التصريحات التي صدرت عن وجهاء الدروز في قرية الخضر جنوبي سوريا في أعقاب سقوط الأسد مطالبين بضم قراهم إلى أراضي هضبة الجولان، حيث ذكر أحدهم “نطالب بالانضمام إلى أهلنا في الجولان والعيش بحرية وكرامة”.
تتزامن هذه التطورات الميدانية والتصريحات المتطرفة إلى تحركات إسرائيلية وإماراتية مكثفة لتعزيز نفوذهم في الجنوب السوري، حيث تسعى تل أبيب والنظام الإماراتي إلى خلق “حزام أمني” مشابه لما قامت به إسرائيل في جنوب لبنان خلال الحرب الأهلية، مما يثير تساؤلات حول ما إذا كانتا تعملان على مشروع مماثل في سوريا.
إسرائيل والدروز.. تحالف مشبوه
رعاية إسرائيل للدروز لم تعد مجرد تكهنات، فقد أكد وهاب أن الشيخ موفق طريف، شيخ الطريقة الدرزية في اسرائيل، لعب دورًا حاسمًا في تأمين الحماية لمناطق السويداء وجبل الشيخ، ووجه تحذيرات مباشرة للحكومة السورية بعدم التدخل في الشؤون الدرزية.
ولا يمكن عزل هذا الأمر عن زيارة طريف المعلنة للإمارات في ديسمبر الماضي والتي هدفت إلى تعزيز نفوذ نظام بن زايد في المناطق الدرزية في محاولة لضمان وجود حلفاء موثوقين في المنطقة.
تاريخيًا، دعمت إسرائيل القوى الانفصالية بل أوجدتها في بعض الأحيان داخل الدول المجاورة، كما فعلت مع الأكراد في شمال العراق وسوريا. واليوم، نجدها بالتعاون مع الإمارات توفر الغطاء السياسي واللوجستي للدروز، مما يفتح الباب أمام احتمالية تحولهم إلى قوة مستقلة تحت رعاية إسرائيلية – إماراتية.
الإمارات.. الدور الخبيث في تقسيم سوريا
منذ اندلاع الأزمة السورية، لعبت الإمارات دورًا خفيًا لكن مؤثرًا في تفتيت البلاد، حيث دعمت مشاريع التقسيم وموّلت ميليشيات مسلحة لضمان استمرار الفوضى، ومنع أي استقرار قد يُعيد سوريا إلى مكانتها الإقليمية.
على الرغم من أن النظام الإماراتي تظاهر في بعض الفترات بأنه يدعم الحلول السياسية، إلا أن وقائع عديدة كشفت عن دعمها المالي والعسكري لمجموعات انفصالية في الشمال والجنوب، بهدف خلق جيوب نفوذ تكون بمثابة أدوات ضغط مستقبلية.
واليوم، لا يخفى أن الإمارات تضع ثقلها وراء مشروع “الدرع الدرزي”، حيث تعمل على تمويل الفصائل الدرزية المسلحة في الجنوب السوري لضمان ولائها المطلق، وتنسيق اللقاءات بين القيادات الدرزية السورية والإسرائيلية، ودعم التمرد ضد الحكومة السورية، عبر توفير ملاذات آمنة للدروز الفارين من مناطق النزاع، في خطوة مشابهة لما فعلته مع القوات الكردية سابقًا.
التصعيد في جرمانا وصحنايا.. خروج عن سيطرة الدولة؟
لم تبق التوترات محصورة في السويداء، بل امتدت إلى مناطق أخرى مثل جرمانا وصحنايا. فقد أظهرت مقاطع فيديو متداولة عمليات اعتداء نفذتها مجموعات درزية مسلحة، تضمنت إقامة حواجز، فرض إتاوات، والاشتباك مع قوات الأمن.
في صحنايا تحديدًا، أشارت تقارير ميدانية إلى أن الميليشيات الدرزية المحلية باتت تفرض سلطتها بالقوة، تحت حماية إسرائيل التي تراقب الوضع عن كثب وكأنها تترقب لحظة إعلان “الإقليم الدرزي” رسميًا.
بعيدًا عن السرديات التي تروجها بعض القيادات الدرزية حول “الاستقلالية”، فإن الواقع يشير إلى أن المشروع الإسرائيلي – الإماراتي يسير بخطى ثابتة نحو تقسيم سوريا عبر دعم سياسي من قادة دروز إسرائيل برعاية إماراتية دفعا باتجاه سيناريو تقسيم سوريا مجددًا، هذه المرة عبر “الدرع الدرزي”.
مع تصاعد التوترات في الجنوب السوري، تبدو إسرائيل والإمارات أكثر حضورًا في المشهد، ليس فقط عبر التصريحات والدعم اللوجستي، ولكن عبر العمل على بناء “دولة ظل” في السويداء، تضمن لهما نفوذًا دائمًا على الحدود عبر جيب سوري انفصالي يخضع بشكل كامل لإسرائيل.