هيومن رايتس ووتش تفضح زيف ترويج الإمارات صورة تسامح وانفتاح
هيومن رايتس ووتش تفضح زيف ترويج الإمارات صورة تسامح وانفتاح
فضحت منظمة هيومن رايتس ووتش الدولية زيف ترويج الإمارات صورة تسامح وانفتاح في الدولة في ظل ما تمارسه من قمع ومحاكمات جائرة ضد نشطاء الرأي والمدافعين عن حقوق الإنسان.
وقالت المنظمة في تقريرها السنوي لعام 2024، إن الإمارات روّجت لصورة تسامح وانفتاح باستضافة أحداث مثل “مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ” (كوب 28) بينما تقيّد التدقيق في انتهاكاتها الحقوقية الممنهجة والمتفشية وتوسيع عمليات الوقود الأحفوري.
وأبرزت المنظمة ما يواجه العمال الوافدون في الإمارات من انتهاكات واسعة ويتعرضون لمخاطر صحية شديدة مرتبطة بالحرارة.
وأشارت إلى أنه في 2024، أدانت الإمارات ظلما وحكمت على 44 متهما على الأقل في ثاني أكبر محاكمة جماعية غير عادلة، وكان كثير منهم يقضون بالفعل أحكاما بالسجن كجزء من محاكمة “الإمارات 94” الجماعية.
حريات التعبير، والتجمع، وتكوين الجمعيات
تفرض الإمارات قيودا قاسية على الحق في حرية التعبير والتجمع وتشكيل الجمعيات. يقضي عشرات المنتقدين عقوبات مطوّلة في السجون الإماراتية بعد محاكمات جائرة بتهم غامضة وفضفاضة تنتهك حقهم في حرية التعبير وتكوين الجمعيات.
أدانت السلطات الإماراتية 44 متهما على الأقل من أصل 84 مدافعا حقوقيا ومعارضا عقب محاكمة غير عادلة ورغم مزاعم احتجازهم في الحبس الانفرادي المطوّل. اتُهم الحقوقيون الـ 84 بارتكاب جرائم تتعلق بالإرهاب بسبب تورّطهم في إنشاء مجموعة مناصرة مستقلة، “لجنة الكرامة والعدالة”، في 2010.
من بين المتهمين الـ 44 الذين تأكدت إدانتهم، حُكم على أربعة منهم بالسجن 15 عاما، وعلى 40 بالسجن المؤبد، منهم الأكاديمي ناصر بن غيث، وعبد السلام درويش المرزوقي، وسلطان بن كايد القاسمي، وتمت تبرئة متهم واحد على الأقل، بحسب “مركز مناصرة معتقلي الإمارات”. سبق أن أدين 60 متهما على الأقل، منهم المرزوقي والقاسمي، في قضية الإمارات 94 لعلاقتهم بلجنة الكرامة والعدالة.
اتسمت المحاكمة الجماعية بانتهاكات جسيمة للإجراءات القانونية الواجبة ومعايير المحاكمة العادلة، كتقييد الوصول إلى معلومات ومواد القضية، وتمثيل قانوني غير كاف، وقضاة يؤثرون على شهادات الشهود، وانتهاكات لمبدأ عدم المحاكمة مرتين على الجريمة نفسها، وتقارير موثوقة عن الانتهاكات الشديدة وسوء المعاملة، وعقد جلسات الاستماع خلف أبواب مغلقة.
من بين المتهمين الناشط الإماراتي البارز أحمد منصور، عضو مجلس إدارة “مركز الخليج لحقوق الإنسان” و “اللجنة الاستشارية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش”.
كما احتجزت السلطات الإماراتية تعسفا 57 متظاهرا بنغاليا في الإمارات وأدانتهم، وحكمت عليهم بالسَّجن لفترات طويلة في محاكمات سريعة استندت إلى مشاركتهم في احتجاجات سلمية تضامنا مع المظاهرات الطلابية في بنغلاديش. حصل المتظاهرون البنغاليون المسجونون في الإمارات على عفو وإخلاء سبيل في سبتمبر/أيلول 2024.
يُستخدم قانون العقوبات الاتحادي وقانون الجرائم الإلكترونية لدولة الإمارات لإسكات المعارضين، والصحفيين والنشطاء وأي شخص ترى السلطات أنه ينتقد الحكومة أو سياساتها أو ممثليها. أدت هذه القوانين إلى إغلاق الفضاء المدني بالكامل، وفرض قيود قاسية على حرية التعبير، على الإنترنت وفي الواقع، وتجريم المعارضة السلمية.
استخدمت السلطات الإماراتية هذه القوانين ذات الصياغة الفضفاضة لسجن المواطنين والمقيمين بسبب منشورات سلمية على وسائل التواصل الاجتماعي اعتُبرت انتقادية لحكومات الإمارات ومصر والأردن. يقضي الناشط الأردني أحمد العتوم، الذي عمل مدرسا في أبو ظبي، عقوبة السَّجن 10 سنوات بسبب نشاطه السلمي على وسائل التواصل الاجتماعي.
العقوبات
وجد “فريق خبراء الأمم المتحدة المعني بالسودان” أن مزاعم دعم الإمارات لـ “قوات الدعم السريع” “موثوقة” وقال إن “عمليات نقل الأسلحة والذخيرة إلى دارفور” التي وثقها “تشكل انتهاكات لحظر الأسلحة”.
حدّدت هيومن رايتس ووتش المعدات العسكرية المستخدمة في السودان والتي تنتجها شركات مسجّلة في الصين وإيران وروسيا وصربيا والإمارات.
دعت هيومن رايتس ووتش “مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة” (مجلس الأمن) إلى تجديد وضمان إنفاذ نظام العقوبات المنصوص عليه في قرار مجلس الأمن 1591 بشأن الوضع في السودان، وإدانة الحكومات الفردية التي تنتهك حظر الأسلحة الحالي الذي فرضه مجلس الأمن على دارفور، وفرض عقوبات على الأفراد أو الكيانات التي تنتهك حظر الأسلحة، منهم الأفراد والكيانات في الإمارات. لم تنتقد بريطانيا، القيّمة على ملف السودان في مجلس الأمن، الإمارات علنا بسبب دعمها لقوات الدعم السريع.
العمال الوافدون
يسيطر أصحاب العمل بشكل غير متناسب على العمال الوافدين بموجب نظام الكفالة، ما يمنعهم من تغيير وظائفهم دون موافقة صاحب العمل. يمكن لأصحاب العمل توجيه اتهامات “الهروب” الكاذبة حتى عند فرار العمال من الانتهاكات، ما يعرضهم لخطر الاحتجاز والترحيل.
ما يزال العمال الوافدون يواجهون انتهاكات واسعة كسرقة الأجور، ورسوم التوظيف غير القانونية، ومصادرة جوازات السفر، ما يؤدي بالعمال إلى ظروف تصل إلى حد العمل الجبري. تحظر الإمارات أيضا النقابات العمالية، ما يمنع العمال من المطالبة بحماية عمالية أقوى. ما تزال الإمارات بلا حد أدنى غير تمييزي للأجور.
يلعب العمال الوافدون دورا أساسيا في سوق العمل الإماراتي، لكن الحكومة لا تحميهم من المخاطر المرتبطة بتغيّر المناخ.
يُعد العمال الوافدون الذين يعملون في الهواء الطلق في الإمارات من أكثر الفئات عرضة للأمراض والوفيات المرتبطة بالحرارة. تُواصل الإمارات الاعتماد فقط على حظر العمل في منتصف النهار في الصيف كإجراء رئيسي للحماية من الحرارة، رغم الأدلة على عدم فعاليته في حماية العمال.
بالإضافة إلى الحماية غير الكافية من الحرارة، يتعرض العمال الوافدون لانتهاكات عمالية خطيرة كسرقة الأجور ورسوم التوظيف الباهظة، ما يؤثر على قدرتهم على تحويل الأموال إلى عائلاتهم في البلدان المعرّضة لخطر التغيّر المناخي مثل بنغلاديش وباكستان ونيبال، بما فيها لمعالجة المحن التي تواجه العائلات خلال الأحداث الجوية القاسية المرتبطة غالبا بتغيّر المناخ.
عمال وعاملات المنازل، المستبعدين من قانون العمل الإماراتي، أكثر عرضة للاستغلال، بما في ذلك احتجازهم في المنازل أو مكاتب الاستقدام، وسرقة الأجور، والعنف اللفظي، والجسدي، والجنسي من قبل أصحاب العمل ومكاتب الاستقدام، رغم الإصلاحات القانونية التي تحظر التمييز والعنف ورسوم التوظيف. ما تزال تدابير الحماية بموجب القانون لعمال وعاملات المنازل أضعف من قانون العمل ولا ترقى إلى المعايير الدولية.
تستمر الحكومات الأخرى في إعطاء الأولوية للتجارة والمصالح الاستراتيجية الأخرى مع الإمارات على حساب حقوق الإنسان. أعلنت حكومة بريطانيا الجديدة عن استئناف المفاوضات بشأن اتفاقية التجارة الحرة مع “مجلس التعاون الخليجي”، الذي تُعَدّ الإمارات عضوا فيه، رغم المخاوف المستمرة بشأن الافتقار إلى الشفافية والرقابة، وإدراج تدابير حماية والتزامات حقوقية ملموسة، وخاصة للعمال الوافدين.
تغيّر المناخ: السياسات والتداعيات
سعت الإمارات، وهي أحد أكبر منتجي النفط في العالم، إلى وضع نفسها في موقع الرائد العالمي في قضايا المناخ والصحة في “كوب 28” رغم خططها لتوسيع عمليات الوقود الأحفوري، ما يقوّض الجهود المبذولة لمواجهة أزمة المناخ وحماية حقوق الإنسان.
تتعارض خطة الإمارات لزيادة إنتاج الوقود الأحفوري مع التزامات الحكومة بموجب “اتفاقية باريس” التي تهدف إلى الحد من زيادة الحرارة العالمية ضمن سقف 1.5 درجة مئوية لتجنب الآثار الأسوأ لأزمة المناخ العالمية.
يشكل استخراج الوقود الأحفوري واستخدامه في الإمارات مصدرا للتلوث السام للهواء وانبعاث غازات الدفيئة الضارة، ما يخلق مخاطر صحية كبيرة على سكان الإمارات ويساهم في أزمة المناخ العالمية. تُظهر الأبحاث أن الهواء السام المرتبط بحرق الوقود الأحفوري يؤثر سلبا على الجهاز التنفسي، والقلب والأوعية الدموية، والجهاز العصبي.
من الصعب للغاية التدقيق في ضعف سياسات الحكومة المتعلقة بتلوّث الهواء أو الحديث عن مصادر تلوث الهواء بسبب القوانين والسياسات التي تُجرّم المعارضة السلمية.
حقوق المرأة
نفّذت الإمارات إصلاحات محدودة كحظر التمييز على أساس الجنس والنوع الاجتماعي (الجندر) وإزالة الالتزام القانوني المفروض على المرأة بطاعة زوجها. لكن هذه الإصلاحات لا تكفي للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، وخاصة ولاية الرجل على المرأة.
يؤكد التعريف القانوني للعنف الأسري في قانون الإمارات على الحق القانوني لأولياء الأمر في تأديب زوجاتهم وقريباتهم وأطفالهم إلى الحد الذي تجده السلطات مقبولا. لا يُجرّم القانون أيضا الاغتصاب الزوجي.
رغم التعديلات الطفيفة على “قانون الأحوال الشخصيّة الاتحادي” الإماراتي، ما تزال المرأة معرضة لفقدان حقها في نفقة الزوج إذا رفضت إقامة علاقات جنسية معه دون “عذر شرعي”، أو تركت بيت الزوجية، أو منعت زوجها من دخوله. بموجب القانون، تُلزم الزوجات بالحفاظ على المنزل ومحتوياته وإرضاع أطفالهن ما لم يكن هناك عائق.
ورغم أن التعديلات تلغي التمييز في القانون، لكنها ما تزال تسمح عمليا للقضاة بالتمييز ضد المرأة. ينطبق هذا القانون على جميع المسلمين من مواطني الإمارات والأجانب. يمكن لغير المسلمين تطبيق قوانينهم الدينية الخاصة.
يميّز القانون ضد الأمهات الإماراتيات، حيث لا يستطعن منح جنسيتهن لأطفالهن أسوة بالرجال الإماراتيين. ينص القانون على أن الأب هو ولي الأمر الاصلي على الأطفال وله سلطة اتخاذ القرارات المهمة للطفل.
أصدرت أبو ظبي قانونا بشأن “الزواج المدني وآثاره” في أبو ظبي يتيح للأجانب غير المسلمين المقيمين في أبو ظبي الزواج المدني وحقوقا متساوية في الغالب بين الزوجين فيما يتعلق بالزواج، والطلاق، والقرارات المتعلقة بالأطفال.
يخلق هذا القانون تمييزا ضد المرأة على أساس دينها وجنسيتها ومكان إقامتها داخل الإمارات. لتجنب التمييز، ينبغي لأبو ظبي والإمارات الأخرى في اتحاد الإمارات توسيع نطاق هذه الحقوق لتشمل جميع المواطنين.
يُجرّم قانون العقوبات الاتحادي ممارسة الجنس بالتراضي خارج إطار الزواج والإجهاض بموجب “جرائم أخلاقية” فضفاضة تؤثر بشكل غير متناسب على النساء لأن الحمل قد يمثّل دليلا على الجريمة المزعومة.