ممارسات الوفد الإماراتي في جنيف.. تحرج الإمارات وتطرح علامات استفهام

ممارسات الوفد الإماراتي في جنيف.. تحرج الإمارات وتطرح علامات استفهام
حين شاركت الإمارات في جلسة المراجعة الأولية أمام لجنة مناهضة التعذيب في الأمم المتحدة في شهر يوليو الماضي، أرسلت وفداً كبيراً يضم 32 شخصاً من بينهم قضاة ومسؤولون في النيابة العامة ووزارة الداخلية، وقد رحب رئيس اللجنة السيد كلود هيلر في حينها بالوفد قائلاً: “إن هذا الوفد الكبير هو دليل على جدية الإمارات ورغبتها في المضي بتنفيذ الاتفاقية”.
لكن ما لم يكن يعلمه السيد هيلر، أن هذا الوفد الكبير لم يأتِ من أجل بحث تنفيذ الإمارات لاتفاقية مناهضة التعذيب، بل كان منشغلاً في ملاحقة الأكاديمي البريطاني ماثيو هيدجز ومضايقته، حيث كشف الأخير في تصريحات حديثة أن الوفد الإماراتي لاحقه وصوّره بهدف مضايقته وتخويفه من الإدلاء بشهادته أمام اللجنة.
والأغرب من ذلك، أن السلطات الإماراتية أرسلت الملحق الأمني بسفارتها في لندن، من أجل مساعدة الوفد في مهمته النبيلة بإرهاب الأكاديمي البريطاني، حيث تولى الملحق الإماراتي الذي يعد وفقاً للأعراف الدولية مسؤولا دبلوماسياً مهمة تصوير هيدجز وملاحقته في جنيف، ولعل استخدام الملحق الأمني في سفارة لندن، كانت أهدافه واضحة تماماً، إذ أرادت السلطات الإماراتية أن ترسل رسالة تخويف للأكاديمي البريطاني، بأننا نملك أشخاصاً في لندن ويستطيعون ملاحقتك.
بعد ذلك، وزعت سفارة لندن ملفا على وسائل الإعلام يتضمن صوراً حميمة لهيدجز مع زوجته، وتقريراً عن حالته الطبية، في محاولة واضحة لابتزازه وإجباره على التوقف عن نشاطه الحقوقي، زاعمة أن هذه الصور هي رد على أكاذيب الأكاديمي البريطاني المستمرة.
لكن ما يستحق التوقف هنا، ليس فقط محاولة ابتزاز الإمارات لشاهد أمام الأمم المتحدة، ولا انتهاك خصوصيته فقط، بل انخراط سفارة دبلوماسية، ومسؤولين في وزارة الداخلية والقضاء في ممارسة مثل هذه الأعمال المشينة والمحرجة لسمعة الإمارات.
تخيل فقط أن قضاة ومسؤولين في النيابة العامة مهمتهم تنفيذ القانون يقومون بملاحقة شاهد في جنيف لتخويفه ومنعه من الإدلاء بشهادته، وينخرط معهم في هذه المهزلة مسؤولون دبلوماسيون في جنيف ولندن.
أية صورة قد تخلقها مثل هذه الأفعال عن دولة الإمارات العربية المتحدة، وما هي الرسائل التي سوف يتلقاها المجتمع الدولي، عندما يعلم أن مسؤولين بهذه الأوزان يتصرفون مثل عصابات المافيا ويمارسون أعمال التخويف في قلب الأمم المتحدة.
كيف ستقنع مثل هذه الممارسات لجنة مناهضة التعذيب أننا أمام دولة تحترم القانون، وهي تحشد ثلة من خبراء القانون والأمن من أجل التقاط صور ومضايقة شاهد تدعي السلطات الإماراتية أنه مريض نفسي وكذاب.
في الواقع، فإن ما قامت به السلطات الإماراتية أضر بها أكثر مما أضرت به شهادة ماثيو هيدجز، بل إنها بهذه التصرفات غير المسؤولة أكدت بشكل ضمني جميع الادعاءات التي قدمها حول تعرضه للاختفاء القسري والتعذيب.
كما أن مثل هذه التصرفات “المضحكة” التي بدرت عن الوفد الإماراتي، تؤكد أن هؤلاء المسؤولين يعتقدون أن بإمكانهم ممارسة نفس الممارسات غير القانونية التي يقومون بها في الإمارات دون أن يحاسبهم عليها أحد، ولا يكترثون بتاتاً أنهم في حضرة منظمة دولية، وليسوا في أزقة عصابات المافيا.
إن مثل هذا السلوك يدمر سمعة المؤسسات الإماراتية، فهذا الوفد لا يمثل نفسه فقط، بل يمثل مؤسسات دبلوماسية وقانونية، ومثل هذه السلوكيات تعطي انطباعاً أننا أمام عصابات وليس مؤسسات دولة.
المصدر: مركز مناصرة معتقلي الإمارات