تقارير

هل يُحرم حاكم دبي محمد بن راشد من ممتلكاته العقارية الضخمة في بريطانيا؟

خاص – مركز جزيرة العرب للدراسات والبحوث

بين الحين والأخر نسمع ونقرأ عن ممتلكات الأمراء والملوك في العالم، وحجم ما ورِثوه من أباءهم أو ما أشتروه بأنفسهم، من ممتلكات وقصور وعقارات، بالإضافة إلى الجواهر والمقتنيات الباهظة الثمن، حتى أن مجلاتٍ وصحفٍ تخصصت بنشر هذا النوع من الأخبار، وتغطي تفاصيل حياة هؤلاء الأمراء والملوك وفاحشي الثراء. لكن المفاجئة التي صدمت متابعي هذا النوع من الأخبار، هو الكشف عن ممتلكات حاكم دبي محمد بن راشد آل مكتوم التي فاقت كل تصور، حتى أن أخبارها لم تكشف عنها الصحف المتخصصة بالأخبار الأمراء والملوك، إنما نشرتها صحيفة الغارديان البريطانية العريقة والمتخصصة بالأخبار السياسية الجادة، والتي لديها مصداقية عالية في دقة تقاريرها وأخبارها التي توردها. فما قصة تلك العقارات والممتلكات التي يمتلكها هذا الأمير العربي؟ وما هي الأخبار التي تتردد عن إمكانية حرمانه منها؟

https://youtu.be/aTrEhqAE3Rs

ففي تقرير أعده الصحفيون ديفيد كن، وهاري دايفز، وسام كتلر، كشفوا فيه عن إمبراطورية عقارية ضخمة تعود للشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في بريطانيا، وقدَّر التقرير، أن الأراضي التي يمتلكها بن راشد، تُقدر بـ100 ألف فدان، مما تجعله أحد أكبر ملَّاك الأراضي في بريطانيا، لا تنافسهُ فيها حتى ملكة بريطانيا نفسها. فالمحفظة العقارية الهائلة التي يمتلكها هو وعائلته المقربة، تتوزع على قصور وصالات تدريب وإسطبلات خيل في مدينة نيو ماركت، بالإضافة إلى منازل بيضاء في أكثر أحياء لندن تميزًا، وأراضي شاسعة في اسكتلندا. ويذكر التقرير، أن هناك أملاك عائدة له، لا يمكن حصرها لأنها مملوكة لشركات خارجية في ملاذات ضريبية في غيرنسي وجيرسي.

وهنا يتبادر السؤال إلى ذهن كل من يقرأ عن هذه الإمبراطورية العقارية التابعة لابن راشد، إذا كانت سليلة الأسرة الملكية البريطانية التي تحكم عائلتها بريطانيا منذ مئات السنين، لا تمتلك مثل هذه العقارات والثروات في بلدها، كيف يُمكن لأمير عربي لم ترى عائلته الحكم إلا قبل عشراتٍ من السنين، يستطيع جمع كل هذه الثروات ويشتري كل تلك العقارات في بلدٍ يعتبر من أغلى بلدان العالم؟ إن من المؤكد أن شبهات التجاوز على المال العام لهذا البلد، ستحوم عليه، وأنه هو وغيره من حكام الإمارات، يعتبرون ثروات هذا البلد، ملكًا خاصًا لهم لا ينبغي لشعب الإمارات أن يشاركونهم فيه، وهذا هو السبب المباشر الذي يجعل حكام الإمارات يحاربون أي مسعى للشعب الإماراتي في تطبيق جزء يسير من الإجراءات الديمقراطية التي تُمكن الشعب الإماراتي من محاسبة ولاة أموره على تبديدهم لثروات الدولة الإماراتية. فحاكم مثل محمد بن راشد، يريد أن يبقى وضع الإمارات على ما هو عليه إلى الأبد، مشابهًا لنموذج حكم القرون الوسطى الذي يتحكم فيه الملك بكل مقدرات البلد، ولا يحق لأي مواطن محاسبة أمرائه أو حكامه في سياسة الدولة، وفي أي وجه من الأوجه تُنفق ثرواتها.

بن راشد يتكتم على مقدار ممتلكاته

 واستمرت الصحيفة في شرحها عن هذا الموضوع بالقول، أن محامي محمد بن راشد الخاص، نفى أن تكون ممتلكات حاكم دبي العقارية في بريطانيا، قد تم شراؤها من خلال شركات خارجية، أو أنها تمت هيكلتها لتجنب دفع الضرائب، ورفض المحامي تأكيد أي تفاصيل ذكرت في تقرير صحيفة الغارديان، قائلًا: “إن شؤونه المالية خاصة وسرية، لكنها غير مخالفة للقانون البريطاني”. من جانبها، أفادت منظمة الشفافية الدولية التي تُعنى في تقصي الحقائق عن فساد الحكومات، بأن ممتلكات “محمد بن راشد” في بريطانيا، يمكنها أن تضعهُ ضمن أكبر العائلات المالكة للعقارات في المملكة المتحدة، بل تتجاوز حجم العقارات التي تمتلكها ملكة بريطانيا، وهذا ما يجعله يمتلك سلطات ونفوذ واسع في هذه الدولة.

https://twitter.com/ali_rayan666/status/1382683459542515712?s=20

وأضافت الصحيفة، أن الجانب غير المعروف من أملاك حاكم دبي في بريطانيا، هي العقارات التي تقع في المناطق الراقية من العاصمة لندن، لأن عمليات الشراء تتم عبر شركات يملكها الشيخ محمد بن راشد، وعلى سبيل المثال، عقار في ساحة آيتون التاريخية بمنطقة “بليغريفيا”، حيث أشترته إحدى شركات حاكم دبي مقابل 17.3 مليون جنيه إسترليني (نحو 24 مليون دولار) عام 2013. كما اشترت شركة “ليزيوم ليميتيد” مبنى “روتلاند هاوس”، المكون من ستة طوابق في نايتسبريغ، بمبلغ 61.5 مليون جنيه إسترليني (85 مليون دولار). وشركة “ليزيوم ليمتيد”، هي نفس الشركة التي اشترت “وارين تاورز” الذي يُعتبر أحد أهم أملاك بن راشد في نيو ماركت والمطل على ملعب التدريب لخيوله. وتعتبر شركة “ليزيوم ليمتيد” والمسجلة في جيرسي، ملجأ ضريبي لا يُكشف فيها عن هوية المستفيدين أو المالكين. كما أن بن راشد قام بشراء مزرعة لونغ كروس عام 1976، بمبلغ 75 مليون جنيه إسترليني. وأصبحت معروفة لأن ابنته الشيخة شمسة حاولت الهروب منها قبل 21 عاما. لكن هنالك ملكيات أخرى أقل شهرة تعود لحاكم دبي، هي عقارات خاصة في أكثر أحياء لندن فخامة من مثل نايتسبريدج وبلغرافيا وكينسينغتون.

كما أن استثمارات بن راشد في مجال سباق الخيول، والتي لا يضاهيها شيء، جعلت بلدة كبلدة نيو ماركت بحكم التابعة له. حيث انفق ما بين عامي 2011 و2020، ما يزيد عن 600 مليون جنيه بحسب الأرقام المنشورة، وباتت المساحة التي يستولي عليها من أراضي هذه البلدة بواسطة شركة أرات إنفستمنت، تعادل نصف مساحة البلدة تقريبًا.

https://twitter.com/CFhcims/status/1354106837554122760?s=20

وفي 1981، كان محمد بن راشد قد اشترى مزرعة “دلهام هول” التي تمتد على 63 هكتار، والتي تستخدم الآن، كمركز رئيسي لعمليات جودلفين. كما أضاف إلى قائمة ممتلكاته مراعي مولتون التاريخية في 1994، والتي تضم الآن مراكض للخيل وحمام سباحة ومنتجع صحي.

محمد بن راشد ربما يُحرم من أملاكه

ومع كل هذه الأملاك والعقارات الإمبراطورية وسعة نفوذه في المملكة المتحدة، يبدو أن بن راشد سيُحرم من رؤيتها والتمتع بها، أو حتى الوصول إليها، فهنالك ضغوط تواجه المسؤولون الحكوميون البريطانيون من أجل تقديم حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد إلى العدالة، بعد أن توصّل القضاء البريطاني إلى أنّه هو من وراء تدبير عملية اختطاف ابنته شمسة من كامبريدج في عام 2000. ولأجل هذا السبب، بات حاكم دبي محرومًا من الوصول إلى ممتلكاته الضخمة في بريطانيا للتمتع بها، بسبب خشيته أن يُقدم للقضاء البريطاني.

وربما تتعرض أصول الممتلكات التابعة لحاكم دبي، للتجميد بسبب قضية اختطاف أبنته، ففي هذا الشأن، ذكرت صحيفة Daily Mail البريطانية، أن نشطاء في مجال حقوق الأنسان، طلبوا من وزير الخارجية دومينيك راب، تطبيق عقوبات مالية على ممتلكات حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد في المملكة المتحدة. وتطبيق قانون “ماغنيتسكي” على بن راشد، لمعاقبته على انتهاكه لحقوق الانسان.

وطلب هؤلاء الناشطون، المشورة من العقل المدبر لهذا القانون بيل براودر. والذي قال في هذا الصدد: “ستنتهي الحياة المالية للشيخ محمد في بريطانيا، إذا تمت إضافته إلى قائمة Magnitsky وسيجعله ذلك منبوذا ماليا دوليا”. يُذكر أن حاكم دبي، يمتلك أصولًا ضخمة في المملكة المتحدة، بما في ذلك 75 مليون جنيه إسترليني، وقصر سوفولك، و63 ألف فدان في المرتفعات البريطانية. واسطبلات جودلفين في نيوماركت. كما ناشدت الناشطة تينا حوهيانين، صديقة الشيخة لطيفة أبنة حاكم دبي، ملكة بريطانيا إليزابيث التدخل لحل القضية، واستخدام “أي تأثير” لإطلاق سراح لطيفة وشقيقتها الكبرى شمسة.

وسيصدق قول الله سبحانه وتعالى على مثل هؤلاء الحكام الذي خانوا أمانة شعوبهم وبددوا أموالها، حينما قال في مُحكم كتابه الكريم: {فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ}

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى