تقارير

ما هي دلالات التزامن بين زيارة وزير الخارجية التركي وأمير قطر إلى السعودية؟

خاص  – مركز جزيرة العرب للدراسات والبحوث

ليس من قبيل الصدفة أن تتزامن زيارة وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو إلى الرياض، مع زيارة لأمير قطر إلى السعودية بنفس التوقيت، فهل يا ترى كان التوقيت متعمدًا لعقد اجتماعات مشتركة وتحقيق غايةٍ ما، أم إنها مجرد توافق بريء لا يحمل أية دلالات؟

فقد وصل الأمير تميم بن حمد آل ثاني أمير قطر، إلى جدة بناءً على دعوة من العاهل السعودي الملك سلمان، نقلها إليه وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان، الاثنين الماضي. وكان باستقباله ولي العهد السعودي محمد بن سلمان. وذكر الديوان الأميري القطري، بأن الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، سيبحث مع ولي العهد السعودي، العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك، بالإضافة إلى مناقشة الوضع الخليجي في ضوء مستجدات المحادثات الدولية مع طهران، كذلك الوضع في اليمن والتطورات الأخيرة في عملية السلام الأفغانية.

وتعتبر هذه الزيارة، هي الثانية لأمير قطر إلى السعودية منذ المصالحة الخليجية، التي عقدت بين البلدين، بعد حضور الأمير تميم قمة مجلس التعاون الخليجية في يناير الماضي والتي وصفت بالتاريخية لتكريسها المصالحة بين الدول الخليجية بعد سنوات من القطيعة مع قطر استمرت منذ حزيران/ يونيو 2017.

تزامنت زيارة أمير قطر، مع زيارة أخرى قام بها وزير الخارجية التركي مولود جاويش أغلو، والتي تعتبر الزيارة الأولى من نوعها منذ أربعة سنوات، الأمر الذي جعل الأنظار تتجه إلى السعودية، لفهم دلالات هذا التزامن اللافت بين الزيارتين للضيفين التركي والقطري، لاسيما إن الضيفين كانا ضمن حلف واحد، يعتبر مصدر إزعاج بالغ للمملكة حتى وقت قريب.

https://twitter.com/drmohamadalhdla/status/1391842074002141191?s=20

لا أحد يعلم ما جرى من مباحثات خلف الأبواب المؤصدة

وفي الوقت الذي جرى التعتيم على حقيقة المباحثات التي جرت بين أمير قطر وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، جاءت زيارة وزير الخارجية التركي التي تهدف لإزالة الحواجز عن طريق إعادة تطبيع العلاقات بين الدولتين وتسريعها، والتي تبدو أنها تمضي بخطوات بطيئة للغاية. بالمقابل، تبدو العلاقة القطرية السعودية، تمضي في خطوات متسارعة، يتوقع البعض لها، إنها ستنتقل من مرحلة طي صفحة الخلافات، إلى مرحلة قد تكون أقرب إلى الصداقة.

وفيما يخص العلاقات التركية السعودية، فالجميع يعلم، إنها كانت قد تدهورت كثيرًا لأسباب عديدة، منها دعم تركيا لقطر في نزاعها مع بعض دول الخليج، كانت السعودية على رأسها، وأزداد التوتر إلى مرحلة الأزمة، عندما تم اغتيال أحد المعارضين لولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وهو الصحافي جمال خاشقجي على يد فريق اغتيالات سعودي متخصص. عقب ذلك، قامت المملكة بمقاطعة المنتجات التركية في السعودية، والتي أثرت سلبًا على نسبة الصادرات التركية إلى أراضي المملكة.

لكن ومع بداية العام الحالي، قامت أنقرة بانعطافه كبيرة في علاقاتها، وقررت الانفتاح على جميع الدول التي كانت لديها خلافات معها، والرياض واحدة من تلك العواصم، وتزامن مع زيارة وزير الخارجية التركي للرياض، تفجر قضية الفلسطينيين في حي الشيخ جراح في القدس الشرقية، والتي اعتبرت كمستهل لتركيا لغرض تطوير علاقاتها مع الجانب السعودي، ذلك لأن تركيا إذا ما أرادت أن تقوم بأي شيء على مستوى الدول الإسلامية يخص الشأن الفلسطيني، فلا بد لها من التوافق في ذلك مع المملكة العربية السعودية. وهذا ما بدا واضحًا في تغريدة وزير الخارجية التركية حينما كتب، “نحن في السعودية لبحث علاقاتنا الثنائية ومناقشة القضايا المهمة التي تهم منطقتنا، لا سيما الاعتداءات على المسجد الأقصى واضطهاد الشعب الفلسطيني”.

ويذهب بعض المحللين السياسيين، إلى أن وجود الأمير تميم في ذات الوقت الذي يتواجد فيه وزير الخارجية التركي في الرياض، ربما سيسهم في إذابة الجليد المتراكم على العلاقات التركية السعودية، لا سيما وأن موضوع قطر، كان أحد أهم أسباب الخلاف التركي السعودي، وهذا الأمر يمكن تفهمهُ حينما نرجع إلى موقف الدوحة الذي أعلنته بعد أيام من اتفاق المصالحة بينها وبين الرياض، وعلى لسان المبعوث الخاص لوزير الخارجية القطري، مطلق القحطاني حينما قال، إن “الدوحة تبدي استعدادها للعب دور الوساطة بين أنقرة والرياض”. ومن الجدير بالذكر، أن عودة العلاقات التركية السعودية إلى سابق عهدها، سوف يصب في مصلحة الدوحة، فهي حاليًا ترتبط بعلاقات جيدة مع الجانبين، ومن المهم لها أن تكون الدوليتين على توافق في علاقاتهما وليسا على خصام.

السعودية لديها رغبة بالانفتاح على تركيا لكنها متريثة

في غضون ذلك، تشير تقديرات، إلى أن المملكة لديها الرغبة في فتح صفحة جديدة مع تركيا، لكنها تريد التريث قبل الإقدام على خطوة كبيرة في هذا الخصوص، وتنتظر وضوح التوجهات التركية الجديدة، وما إذا كانت جادة في هذا الأمر، أم إنه مجرد إعادة تموضع. كما أنها تريد أن ترى ما ستسفر عنه تحركات أنقرة تجاه القاهرة، ومعرفة النتائج التي ستسفر عنها محادثاتها مع مصر، وبالتأكيد، فأن أي تقدم على المسار التركي المصري، سوف ينعكس إيجابيًا على المسار التركي السعودي. وبالتالي وفي ظل هذا التعتيم على جدول المباحثات التركية السعودية، فأن المرحلة المقبلة سوف تبقى غامضة على صعيد العلاقات بين الجانبين، فليس من السهل أن تتحول محاور الخلاف التي كانت قائمة، إلى محاور صلح بهذه السرعة.

رغم انفتاحها على إيران السعودية يمكنها الاستفادة من علاقة جيدة مع تركيا

وعلى الرغم من أن السعودية، تجري حاليًا مباحثات مباشرة مع الطرف الإيراني في بغداد، إلا أنه لا يضرها موضوع التقارب مع تركيا في هذه المرحلة، بل أنه سوف يصب في مصلحتها، لا سيما وأن هناك حالة من الجفاء تسود العلاقة بين تركيا وإيران حاليًا بسبب تطورات حربها ضد حزب العمال الكردستاني في شمال العراق، فلقد كشفت وسائل إعلامية عالمية، عن علاقة وثيقة تربط إيران بهذا الحزب عبر ميليشياتها في الحشد الشعبي العراقي، حيث يتلقى هذا الحزب، تمويلًا ماديًا وعسكريًا من الحشد الشعبي وبأوامر إيرانية، الأمر الذي أثار حفيظة تركيا، لكن تركيا لا تريد أن تجعل خلافها مع إيران في هذا الموضوع يطفوا على السطح قبل أن تضمن تطورًا جيدًا في علاقاتها مع الجانب السعودي، تستطيع من خلاله الاعتماد على مواقف السعودية. بنفس الوقت، فأن تركيا تراهن على حاجة السعودية لتحقيق تفوق عسكري في الساحة اليمنية قبل أن يُفرض عليها إيقاف القتال هناك وهي بموقف عسكري لا يسمح لها بأن تكون قوية على طاولة المفاوضات، ففي هذا الشأن، قال مسؤولون أتراك: إنّ زيارة جاويش أوغلو، قد تشهد محادثات عن بيع محتمل لطائرات مسيّرة تركية للسعودية، قالوا إنّ الرياض طلبتها.

لكن تكهنات بعض المحللين ذهبت إلى أتجاه معاكس هذا الأمر، ورجحوا أن الفترة المقبلة، ربما تشهد عقد قمة رباعية لزعماء إيران وتركيا وقطر والسعودية، لطي صفحة الخلافات البينية المستمرة منذ سنوات. لكن مع ذلك، لا توجد حتى الأن مؤشرات قوية تدعم هذا السيناريو في الفترة القليلة المقبلة.

أين أبوظبي من كل هذه التحركات؟

وفي خضم كل هذه التطورات على مستوى العلاقات السعودية بكلٍ من تركيا وقطر، يجب أن لا ننسى الدور الإماراتي وموقفه منها، لا سيما وأن لحكام الإمارات، تأثيرًا قويًا على توجهات محمد بن سلمان السياسية. فقبل أسبوع فقط، شهدت العاصمة السعودية الرياض، زيارة سريعة لولي عهد الإمارات محمد بن زايد، ألتقى خلالها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، كان الغرض منها مناقشة مستجدات الأوضاع والملفات في منطقتي الخليج العربي والشرق الأوسط وخاصة الوضع في اليمن وسورية ومحادثات برنامج إيران النووي، كما ذكرت ذلك وكالة الأنباء الألمانية، والتي أ            ضافت، إن زيارة ولي عهد أبوظبي للمملكة، تأتي بعد خمسة أيام فقط من زيارة قام بها وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان لأبوظبي، وقبل أسبوع واحد من زيارة أمير قطر ووزير الخارجية التركي للسعودية.

يُذكر أن أبوظبي، كانت ممتعضة من التقارب التركي المصري الذي جرى مؤخرًا وحاولت أفشاله، بنفس الوقت، فأن أبوظبي، كانت السبب الرئيسي في تغيير مزاج بن سلمان من المحاولة الأولى لتصفية الخلافات مع تركيا نهاية العام الماضي، وبالتالي فأن من المرجح أن تقوم بذات الدور في التقارب الحالي الذي تسعى له تركيا في تحسين علاقاتها مع الرياض.

https://twitter.com/tmcoiSeU81eZMok/status/1334849112462798849?s=20

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى