أخبار

حملة لمساندة الدكتور أسامة الحسني ومطالبات للمملكة المغربية بعدم تسليمه للسلطات السعودية

خاص – مركز جزيرة العرب للدراسات والبحوث

رغم كل الفضائح التي لحقت بولي العهد السعودي محمد بن سلمان، جراء اساليبه في اعتقال الناشطين والمعارضين، سواء كان ذلك داخل المملكة أو في خارجها، يبقى مصرًا على ذات الأسلوب، ويُسَّخر لأجل ذلك كل إمكانيات المملكة، ماديةً كانت أو سياسية، للوصول لأهدافه التي تتمثل بإخراس كل صوتٍ إصلاحي، وصوت كل معارضٍ لسياساته، التي لم تجلب للمملكة سوى المهالك، وأهدرت سمعتها بين شعوب العالم، وأظهرتها كبلدٍ لا يتعامل إلا بلغة الدم مع المعارضين والمصلحين من أبناء المملكة، حتى وصل الأمر، إلى أن كثير من أصحاب الرأي والناشطين بشتى المجالات، أصبحت مجرد زيارتهم للمملكة، فيها مغامرة كبيرة، ربما يفقد خلالها حريته أو حياته.

هذه المرة، يعود بن سلمان من جديد، ليلاحق شابًا سعوديًا داعيًا إلى الله، فضَّل الهجرة من بلده حتى ينجوا من بطش النظام، بعد أن شعر أن حياته مهددة بالخطر. ورغم خروجه من المملكة ونجاحه بالحصول على جنسيةِ بلدٍ أجنبي ذو شأن بالعالم، لكن لم يسعفه ذلك من انتقام بن سلمان.

حديثنا هو عن الدكتور والأكاديمي والداعية أسامة الحسني، الذي كان أحد تدريسيّ جامعة الملك عبد العزيز السعودية، والحاصل على الدكتوراه في نظم المعلومات. بعد خروجه، امتهن التجارة واتخذ من بريطانيا بلدًا يُقيم فيه، لكنه وفي زيارةٍ له إلى المغرب مع عائلته، تفاجأ الرجل بقيام السلطات المغربية بإلقاء القبض عليه بعد أربع ساعات من وصوله، والقيام بضربه وإهانته أمام زوجته، التي بقيت متسمرة بأرضها من هولِ ما ترى، والدهشة تعلوا محياها من أفعال الشرطة المغربية، وهي لا تعلم سبب اعتقال زوجها، ولا حتى زوجها يعرف لماذا تمَّ اعتقالهُ، وحينما سألت زوجته الشرطة عن سبب الاعتقال، رفضوا الإفصاح عن ذلك. بعد مرور يومين من الاعتقال، استطاعت زوجته الالتقاء به، وقالت، أن زوجها يتعرض لمعاملة مهينة ولم يقدم له سوى الخبز والماء داخل السجن، وأعربت عن خشيتها على صحته، بسبب منع أدوية تنظيم الضغط عنه، والتي يجب أن يتناولها بشكل دوري. وبتاريخ 23 فبراير/شباط نُقل إلى سجن تيفلت، الذي فيه الزيارة ممنوعة نهائياً.

عرفت زوجته منه، أن سبب الاعتقال، جاء بناءً على مذكرة اعتقال محررة من السلطات القضائية السعودية بحقه، نتيجة اتهامه (بسرقة سيارة!)، ولكم أن تتخيلوا حجم الزيف الذي تقوم به السلطات السعودية حينما تُريد تشويه سمعه رجل مستقيم ليس له من ذنبٍ اقترفه، إلا مجرد أراءٍ سياسية قام بالإفصاح عنها في لحظةِ غفلةٍ دون أن يدري. فعمِدت السلطات السعودية لمحاربته وتسببت بفقدانه لعمله. ورغم حقارة التهمة التي لُفِقت له، استطاع الحصول على البراءة منها، وأُقفلت القضية بشكل نهائي، لكن السلطات عاودت استغلال القضية، لغرض جلبه من المغرب إلى السعودية.

الغريب بالأمر، أن السلطات المغربية حاولت ارغام الحسني على توقيع وثيقة تتضمن موافقته على ترحيله إلى السعودية، رغم أنه دخل المغرب بجوازه الأسترالي، وليس لها الحق بترحيله للسعودية رغمًا عنه. لكن نحن نعلم أن المملكة المغربية وبسبب الظروف الاقتصادية التي تعيشها، فهي على استعداد لفعل أي شيء لقاء الإعانات التي تقدمها لها السعودية، والمواقف السياسية الداعمة لها، ولا ننسى في هذا الإطار، كيف كان موقف السعودية والامارات من قضية الصحراء المغربية، حينما قامتا بافتتاح قنصليات لهما هناك، بل وصل الأمر بالمغرب إلى أنه اقدم على التطبيع مع “إسرائيل” فقط نظير أن تعترف الولايات المتحدة بسيادتها على تلك الصحراء. لذلك، فمن الطبيعي أن نرى هذا الموقف من المغرب بحق مطلوبين لابن سلمان.

https://twitter.com/NawalMahmud2/status/1367223557005189120?s=20

منظمات حقوقية تطالب بالإفراج عن الحسني

وفي هذا الشأن، طالبت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا، السلطات المغربية بالامتناع عن تسليم الحسني إلى الرياض، لما يشكله من خطر على حياته وسلامته، وأوضحت المنظمة، أن الحسني، اعتقل في المغرب، رغم دخوله بصفته مواطنًا استراليًا. وتسليم الحسني للسعودية، يعتبر انتهاكًا جسيمًا للقانون الدولي تتحمل المملكة المغربية مسؤوليته وما ينتج عنه من ضرر وآثار، مشددة على أنه لا يمكن التذرع بقرار القضاء السعودي كمبرر للترحيل، فمن المعروف أنه قضاءٌ مسيس لا يتمتع بالحد الأدنى من النزاهة أو الاستقلال. كما نددت المنظمة، بالتعاون الأمني المغربي السعودي. وطالبت المنظمة السلطات الأسترالية بالتحرك بشكل عاجل ومنع تسليم مواطنها أسامة الحسني للسعودية.

كما دان مجلس جنيف للحقوق والحريات، اعتقال السلطات المغربية للسعودي أسامة الحسني استرالي الجنسية، وعبر عن قلقه الشديد من التوجهات المغربية لترحيله إلى السعودية. ورأي مجلس جنيف أن اعتقال الحسني، هو رضوخ من المغرب لطلب السعودية، دون اقتراف فعل جرمي، أو مسوغات قانونية حقيقية. وأكد المجلس، أن اعتقال الحسني يندرج في سياق الملاحقة السعودية على خلفية الرأي والفكر للنشطاء والدعاة والمعارضين، وحث المجلس الحكومة الاسترالية للتدخل الجدي لإنهاء احتجاز الحسني ومنع ترحيله للسعودية.

وسم لا ترحلوا أسامة الحسني ينتشر على مواقع التواصل

وبدعوة من الناشطين الحقوقيين انتشر وسم #لاترحلوا_اسامة_الحسني على مواقع التواصل الاجتماعي باللغة العربية والإنكليزية، وجَّهوا خلاله نداءات للسلطات المغربية وإلى الملك المغربي محمد السادس، بعدم ترحيل الحسني إلى السعودية وأطلاق سراحه، وأبدى الناشطين من السعوديين وغير السعوديين، مخاوفهم الكبيرة من ترحيل الحسني إلى السعودية، بسبب خشيتهم من أن يلاقي نفس مصير باقي الناشطين والمعارضين لنظام محمد بن سلمان، عبر تلفيق تهم كيدية عليه، والحكم عليه بأحكام ثقيلة، يقبع خلالها في غياهب السجون السعودية لسنوات طويلة.

ففي هذا الشأن كتب حساب “معتقلي الرأي”، “بأي ذنب تطلب السلطات السعودية من المغرب أن تُسلمها شاباً لا علاقة له بأية أنشطة تهدد أمن البلاد؟”

ودعا “معتقلي الرأي”، إلى حملة تغريد بوسم “لا ترحلوا اسامة الحسني”، من أجل مخاطبة السلطات المغربية، والضغط عليها للإفراج عن الناشط السعودي، وعدم ترحيله للسعودية.

فيما طالب الدكتور محمد المختار الشنقيطي، ملك المغرب محمد السادس بالتدخل شخصيا، ومنع ترحيل الدكتور أسامة الحسني للسعودية.

اعتقال سياسي لا جنائي

وأبدت زوجة المواطن السعودي الأسترالي، أسامة الحسني، خلال حديثها لشبكة “إس بي إس” خشيتها على سلامة زوجها، في حال ترحيله إلى السعودية. وقالت زوجته التي خشيت هي الأخرى الإفصاح عن اسمها، إنها تخشى أن يكون مصير زوجها مثل مصير خاشقجي. والحسني الذي يحتجز حاليا في سجن في بلدة تيفلت الواقعة شمال غرب المغرب، قد حددت له جلسة محاكمة لكن تم تأجيلها، على أن يُرّحل بعدها إلى السعودية. يُذكر أن السعودية، واحدة من الدول القلائل التي لا تعترف بمزدوجي الجنسية، ولا تسمح لمواطنيها بالحصول على جنسية أخرى دون أذن مسبق. وبالتالي فأنها تعتبر الحسني سعودي ولا تعترف بجنسيته الأسترالية.

وتقول زوجته، أنه بعد اصطحابه إلى قسم الشرطة تمكن المحامي من الاطلاع على سبب الترحيل، ليجد أن زوجي متهم في قضية سرقة سيارات تعود إلى عام 2015، على الرغم من حصوله على حكم براءة هو وجميع المتهمين فيها، ما جعل الشكوك تساورنا حول النية الحقيقية وراء اصرار السلطات السعودية على تسليمه، خاصة وأنه كان يحمل بعض الآراء السياسية المعارضة للحكومة، وهي آراء اضطر بسببها لترك عمله في وزارة الصناعة والتجارة الخارجية، بعد تعرضه لضغوط ومضايقات، وبعد أن قرَّر مغادرة البلاد، فوجئ باتهامه في قضية سرقة سيارات، لكن تمت تبرئته بحكم قضائي.

ورأى أنصاره، أن قضية الحسني هي قضية سياسية، والحكومة السعودية طالبت بتسليمه لأول مرة في أستراليا. وذكروا أن الحسني، ليست له علاقة بأي نشاط سياسي معارض، وكان موقع أخباري مغربي، نشر متهمًا الحسني، بتنظيم أنشطة معارضة للوهابية، وهو المذهب الرسمي الذي ترعاه الحكومة السعودية في المملكة العربية السعودية.

موقف ضعيف من الحكومة الاسترالية

ومع مناشدات عديدة من المنظمات الحقوقية ومن الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي للحكومة الاسترالية، من أجل فعل شيء لإنقاذ الحسني، أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية والتجارة الأسترالية، أنهم يقدمون المساعدة القنصلية لمواطن محتجز في المغرب، لكنه المتحدث، رفض تقديم مزيد من المعلومات، لاعتبارات تتعلق بالخصوصية، ولم يذكر اسم المعتقل أسامة الحسني في بيانه. يُذكر أن السفارة الأسترالية في الرباط، ضغطت على الحكومة لإخلاء سبيله، لكن تم تجاهل ذلك تماماً. مع ذلك، يبقى موقف الحكومة الاسترالية باهتًا وضعيفًا من قضية شخص يحمل جنسيتها، وحينما تم توجيه مناشدات من المنظمات الحقوقية للحكومة الاسترالية، ردت خارجيتها ببيان مقتضب، أوضحت فيه، أنها قامت بالتحري عن مصير الحسني، وأنها لا تريد الإفصاح عن معلومات أخرى لأسباب تتعلق بأمن الحسني.

من المؤكد إن باستطاعة السفارة الاسترالية تقديم المساعدة القنصلية، وزيارة السجن للتأكد من صحة الحسيني، وتقديم قوائم بالمحامين المحليين، لكن السفارة تعذرت بعدم قدرتها على التدخل في القضايا القانونية.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى