تقارير

لماذا لا تستطيع دول الخليج احتواء فيروس كورونا حتى الآن؟

لماذا لا تستطيع دول الخليج احتواء فيروس كورونا حتى الآن؟

كتب سيث فرانتزمان، محلل شؤون الشرق الأوسط في صحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية، مقالًا عن الأسباب التي تعرقل دول الخليج عن احتواء فيروس «كورونا»، رغم أنها من بين الدول الأكثر ثراءً على مستوى العالم.

يستهل فرانتزمان مقاله بالإشارة إلى عدد حالات الإصابة في دولة البحرين، التي يبلغ عدد سكانها 1.4 مليون نسمة فقط، حيث سجلت 110 حالات، ما يجعلها إحدى الدول التي تحتضن أعلى معدلات الإصابة للفرد بفيروس «كورونا».

يقول الكاتب الإسرائيلي: إن دول الخليج من بين البلدان الأكثر ثراءً من حيث نصيب الفرد على مستوى العالم، حيث تضم أعدادًا صغيرة من السكان، وأعدادًا كبيرة من العمالة الأجنبية.

التقدم التكنولوجي لم يمنع ارتفاع معدل الإصابات بالفيروس

ويتابع «لسنوات، تفاخرت هذه الدول، بل دفعت أموالًا؛ للترويج لما أحرزته من تقدم في مجال التكنولوجيا الفائقة والخبرات في إنشاء مدن أشبه باليوتوبيا (المدينة الفاضلة)».

يقول فرانتزمان: إنه مع ازدهار شعارات الجامعات الغربية، والمعارض الفنية، والقطارات والأسواق التجارية الداخلية الضخمة، والمتاحف المائية، وحتى الأشياء الغريبة مثل منتجعات التزلج، تبدو الممالك الخليجية في وضع جيد حتى تستطيع محاربة الكورونا. ورغم ذلك، ازدادت حالات الإصابة بالفيروس بعد فترة توقف أولية. إذ تقول الإمارات إنها اكتشفت 15 حالة إصابة جديدة بفيروس كورونا في 11 من مارس (آذار)، وعزلت المصابين في الحجر الصحي.

ويوجد لدى الإمارات الآن 74 حالة. أما البحرين، التي يبلغ عدد سكانها 1.4 مليون نسمة فقط، فتوجد فيها 110 حالات؛ ما يجعلها إحدى الدول صاحبة أعلى معدلات الإصابة للفرد بالفيروس. أما الكويت فيوجد بها 72 حالة، أي 16.2 حالة لكل مليون شخص؛ وهذا يجعلها في صدارة قائمة الدول صاحبة أعلى معدلات الإصابة للفرد بكورونا.

يستطرد الكاتب: يوجد في قطر 24 حالة إصابة بالفيروس. وبعد أن ظلت طيلة عدة أسابيع دون ظهور حالات، بات لديها الآن ست حالات جديدة منذ يوم أمس الاثنين، بعدما كان لديها فقط ثماني حالات الثلاثاء الماضي.

تدابير احترازية مشددة

يشير فرانتزمان إلى أن الدول الخليجية الأكبر مساحةً، مثل المملكة العربية السعودية، اتخذت تدابير احترازية مشددة؛ إذ أوقفت العمرة، وطوّقت منطقة القطيف، حيث وجِدت عدة حالات مصابة بين الأقلية الشيعية في المنطقة. ويوضح الكاتب أن العديد من حالات الإصابة التي ظهرت في دول الخليج مصدرها إيران، التي كان مواطنو هذه الدول يسافرون إليها ومنها في منتصف شهر فبراير (شباط) الماضي، وينقلون العدوى لمواطني الكويت والبحرين.

ومع إلغاء الرحلات وإغلاق الحدود، من المفترض أن يتباطأ انتشار الفيروس، غير أن الحالات التي ظهرت في الإمارات يبدو أن منشأها مختلف، حسبما يلفت المقال.

تداعيات تفشي كورونا على دول الخليج

ينتقل فرانتزمان للحديث عن تداعيات تفشي الكورونا، فيقول: إن دول الخليج ستخسر مليارات الدولارات بسبب الأزمة، نظرًا إلى أن هذه الدول تُعد جزءًا من مركز الخطوط الجوية العالمي.

يضيف الكاتب أن هذه الدول تُعد ساحة أيضًا لمختلف الرياضات والمهرجانات التي أُلغي العديد منها بسبب تفشي الفيروس، إذ جرى تأجيل مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي، إضافةً إلى سباق جائزة السعودية الكبرى ضمن بطولة العالم للفورمولا 1. يشير الكاتب أيضًا إلى إلغاء معرض فني في مدينة دبي، وسباق الجائزة الكبرى للدراجات النارية ومؤتمر الدوحة الدولي للدفاع البحري (ديمدكس 2020)، بالإضافة إلى إرجاء عمان معرض البترول والطاقة، الذي كان من المقرر إقامته على أراضيها.

حركة الطيران

يتابع الكاتب قائلًا: إن مراكز الطيران في دول الخليج من بين الأكثر استخدامًا؛ إذ تبلغ سعة مطار الدوحة 50 مليون راكب سنويًّا، أما مطارات دبي فتأتي من بين المطارات الأكثر ازدحامًا؛ إذ يبلغ عدد رحلاتها الدولية ثمانية آلاف رحلة، إضافةً إلى 70 مليون راكب سنويًّا. أما البحرين فيوجد بها قرابة 87 ألف رحلة وصول سنويًّا، وفي المجمل يوجد داخل دول مجلس التعاون الخليجي حوالي 42 شركة خطوط جوية عاملة.

يستطرد الكاتب: «الآن تغلق دول العالم هذه المراكز الضخمة؛ إذ أغلقت هيئة مطارات دبي البوابات الذكية في مطاري دبي الدولي، ومطار آل مكتوم الدولي في دبي، المعروف أيضًا باسم (وورلد سنترال) أمام الركاب المغادرين». وأضاف أن تلك البوابات كانت تسمح للناس بالمرور بشكل سريع، لكنها قد تسمح أيضًا بانتشار فيروس كورونا بالسرعة ذاتها بين الركاب، والذين يمرون دون الكشف عليهم.

ويضيف المقال أن الفحص الحراري جارٍ حاليًا على جميع الركاب القادمين من الصين، وإيطاليا، وسوريا، ولبنان، وتايلاند، إضافةً إلى ذلك عُلِّقَت الرحلات إلى البحرين، وإيران، والصين. وخفضت الكويت عدد المسافرين القادمين من الهند، وبنجلاديش، ومصر، وسوريا، والفلبين، وسريلانكا، ولبنان، كما قيّدت المملكة العربية السعودية الرحلات إلى مطار الملك خالد في العاصمة الرياض، والمطارات الأخرى في جدة والدمام.

خسائر فادحة

يكمل فرانتزمان مقاله قائلًا: إن أسهم شركات الطيران انخفضت مع انخفاض عدد الرحلات الجوية انخفاضًا غير مسبوق في خضم تفاقم أزمة كورونا، فيما تتوقع العديد من شركات النقل الجوي الوطنية، ومن بينها شركات كورية جنوبية وإسرائيلية، أن تتكبد خسائر فادحة.

بالنسبة لشركات الطيران الخليجية، سيحدث التأثير المضاعف نفسه لتلك الأزمة. ويردف الكاتب: إن السؤال حول سبب استمرار وجود المزيد من حالات الإصابة بالفيروس في دول الخليج يثير القلق أيضًا. يضيف الكاتب أن ذلك صحيح على نحو خاص؛ لأن بعض الدول في منطقة شبه الجزيرة العربية مثل اليمن، تشهد حالة حرب؛ ما يجعل السلطات الصحية هناك غير قادرة على الكشف عن الفيروس. وينوه الكاتب إلى أن الإمارات والسعودية متورطتان في الحرب داخل اليمن، بينما ينتقل المهاجرون عبر بعض الحدود دون وثائق.

ويرى الكاتب في ختام المقال أن وجود مئات الآلاف من العمال، الذين غالبًا ما يتقاضون أجورًا ضعيفة، ويتعرضون لمعاملة سيئة، في شتى دول الخليج، ولا يجري المتخصصون في مجال الصحة فحوصات عليهم، ويجري تهميشهم، وفي بعض الأحيان يعاملون كالعبيد، هي جميعها أمور تزيد المخاوف حول ما إذا كان المسؤولون سيستطيعون معرفة الكيفية التي يؤثر بها الفيروس في كل من العمال المنزليين، وغير المسجلين.

المصدر – ساسة بوست

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى