سي إن إن»: هل يدمر ابن سلمان الاقتصاد العالمي بمقامرة النفط؟
نشر موقع شبكة «سي إن إن» الإخبارية مقالًا للصحافي نك روبرتسون عن «مقامرة» ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ضد روسيا، بزيادة إنتاج النفط، والتي أدت لخفض أسعاره عالميًّا بشكل لم يحدث منذ حرب الخليج.
يستهل الكاتب المقال بتوضيح أن «ولي العهد السعودي يخشاه الناس ويحبونه في بلاده، وفي الأيام القليلة الماضية، شهد العالم ما يعرفه رعاياه. لن يتراجع ولي العهد القوي عن المواجهة إذا اعتقد أن مصالحه ومصالح مملكته مهددة. في الواقع، غالبًا ما تبدو رغبته الأساسية هي الهيمنة».
يقول الكاتب إنه «في قمة «أوبك» في فيينا الأسبوع الماضي عندما رفضت روسيا دعوته لخفض إنتاج النفط مع تراجع الطلب بسبب تفشي فيروس كورونا عالميًا، تحدى الأمير الشاب موسكو وهدد بزيادة إنتاج النفط السعودي، مما أدى إلى أقصى انخفاض في أسعار النفط منذ قصفت الولايات المتحدة القوات العراقية في الكويت عام 1991».
ويضيف: يعتقد الملك السعودي المنتظر أن روسيا «تغش» في اتفاقيات إنتاج النفط، وبعد منحها «فرصًا كثيرة»، وفقًا لمصدر مقرب من الحكومة، قرر أن هذه هي اللحظة المناسبة للتحرك.
يصعب التنبؤ به
ربما لم يكن ابن سلمان يريد هذه المواجهة في الوقت الحالي – يكشف روبرتسون – أو ربما أخطأ في تقدير قدرة أخيه وزير النفط السعودي على التفاوض نيابة عنه في فيينا – ولكن من الواضح أن ولي العهد السعودي يمكن أن يسبب اضطرابًا اقتصاديًا عالميًا.
منذ المواجهة في فيينا، استقرت الأسواق قليلًا، واتصل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بابن سلمان «لمناقشة أسواق الطاقة العالمية».
ولكن في حين أشار ولي العهد إلى أنه لا يزال هناك بعض الوقت للتحدث عن هذا الخلاف النفطي، فقد كلف أيضًا «أرامكو» التي تديرها الدولة برفع الإنتاج من الحد الأقصى البالغ 12 مليون برميل يوميًا إلى 13 مليونًا، وهو تحرك قد يزيد من انهيار أسعار النفط الخام.
يشدد روبرتسون على أن «ولي العهد السعودي لا يتراجع، واستراتيجيته بها كل السمات المميزة لتهديد مشحون. إن توقع النتيجة والتأثير على الاقتصاد العالمي ليس بالأمر السهل. وكما يعرف مواطنوه منذ فترة، يمكن أن يكون ابن سلمان زئبقيًا ويصعب التنبؤ به».
منذ صعوده إلى السلطة بعد جلوس والده على العرش في عام 2015، روج ابن سلمان رؤية طموحة للمستقبل، حين قدم إصلاحات طال انتظارها بينما أسكت النقاد وعزز سلطته.
بالنسبة للعديد من السعوديين العاديين، فهو ما كانوا ينتظرونه، حاكم قوي يخفف من القيود الدينية الشديدة المفروضة على الشعب، ويعمل على إبعاد المملكة عن اقتصادها القائم على النفط، بحسب المقال.
أما بالنسبة لزملائه من أفراد العائلة المالكة – يضيف روبرتسون – مثّل الصعود السريع لهذا الشاب الذي تلقى تعليمًا متواضعًا معانٍ مختلفة، تتراوح من الاعتقال إلى الابتزاز إلى الترقية
يضيف الكاتب: في جميع تحركاته الداخلية، يبدو أن ابن سلمان يجسد أكثر مظاهر القوة في الصراع الخفي على السلطة الممتد منذ عقود طويلة لتحديد أي فرع من العائلة المالكة سيرث الخلافة. وبشكل ما، تمر المملكة بلحظة من مسلسل لعبة العروش، وإن كانت أقل دموية بكثير، والمنتصر هو الأمير الشاب.
في يونيو (حزيران) من عام 2017 أطاح علنًا بابن عمه – ولي العهد السابق محمد بن نايف بن عبد العزيز – من منصبه الذي يجعله خليفةً للعرش. وبعد بضعة أشهر، احتجز بعضًا من كبار العائلة المالكة في فندق فاخر في الرياض بتهم الفساد.
يضيف الكاتب: يبلغ التوازن بين الحب والخوف أقصى درجاته في المستويات العليا للعائلة المالكة. أخفق ابن نايف وشقيق الملك الأصغر الأمير أحمد بن عبد العزيز، فحتى وقت قريب كان ابن نايف قيد الإقامة الجبرية، والآن، وفقًا لبعض المصادر، أصبح رهن الاعتقال. كان يمكن لكليهما أن ينافساه على العرش، وهو أشد ما يخشاه ابن سلمان، لأنه يرى أنه بمجرد أن يصبح ملكًا، لا يمكن لأحد أن يطيحه.
ويعكس نهجه المندفع في الصراع الملكي السعودي سلوكه على المسرح العالمي – بحسب روبرتسون.
وزير الطاقة السعودي، عبد العزيز بن سلمان، أخو ولي العهد.
يحب الفوز
يوضح الكاتب: إنه (ابن سلمان) يحب الفوز، وهو مستعد للمقامرة في سبيل ذلك. على سبيل المثال، يحتاج برنامج إصلاحات رؤية 2030 الخاص به إلى أسعار نفط أعلى من 60 دولارًا للبرميل. لكن معركته مع روسيا خفضت قيمة النفط إلى حوالي نصف ذلك، مما يجعل من الصعب الوصول إلى هذه الأهداف.
باختصار، إنه يقامر بمستقبل رعاياه في لعبة قوية ضد حليفه الروسي المفترض فلاديمير بوتين. إذا انتصر ابن سلمان، سيحصل على حصة في السوق ومكانة عالمية هو في حاجة ماسة إليها، بعد أن تشوهت صورته بقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، الذي اتهمت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المكلفة بالتحقيق في القضية ولي العهد بالمسؤولية عنه، وهو ما ينفيه الأخير بشدة.
ولكن حتى لو نجحت خطته – يستدرك روبرتسون – فقد فشل ابن سلمان بالفعل في هدفه الأساسي، المتمثل في وقف اعتماد المملكة على النفط، لأن نفوذه يعتمد بالكامل عليه.
بحسب المقال، لا يزال من غير الواضح إلى متى سيستمر ابن سلمان في مناطحة بوتين بسبب النفط. إذا استمر في ذلك، فسيجهد علاقاته مع ترامب، ناهيك عن خطر نقض وعده لمواطنيه بالتغيير الشامل.
ومهما فعل، ستخضع تكتيكاته للاختبار مرة أخرى قريبًا. إذ تستضيف السعودية قمة مجموعة العشرين لأعلى 20 اقتصادًا في العالم هذا العام، وسيساعد ابن سلمان والده المسن الملك سلمان في مهام رئاسة القمة، ويقود الطريق لإنعاش ما سيكون في ذلك الوقت اقتصادًا عالميًا متضررًا.
يبقى السؤال الذي يطرحه الكثير من الناس في المدة التي تسبق تلك القمة، وهو: هل ينجح الأمير الشاب في تحقيق طموحاته الكبيرة وتحسين حياة الآخرين؟
المصدر: ساسه بوست