بعد خذلان تحالف السعودية لهم.. هل ينجح اليمنيون في استعادة دولتهم؟
بعد خذلان تحالف السعودية لهم.. هل ينجح اليمنيون في استعادة دولتهم؟
تحوُّلات لافتة يشهدها ملف الأزمة اليمنية منذ مطلع العام الجاري، حيث يستعيد الحوثيون مناطق جغرافية مهمة كـ”نهم” بصنعاء ومحافظة الجوف، في تراجع أول لقوات الحكومة الشرعية التي يدعمها التحالف السعودي الإماراتي، بعد مرور نحو خمس سنوات على اندلاع الحرب.
بحسب مراقبين فإن استعادة الحوثيين المدعومين إيرانياً زمام المبادرة، تتجاوز مرحلة الكر والفر التي تشهدها المعارك، إلى تغيير في أجندة السعودية والإمارات، يتضح يوماً بعد آخر، من خلال ردود الفعل وحالة الغضب الشعبية اليمنية الواسعة تجاه ما يسمونه خذلان التحالف لهم والذي تمثل بإضعاف الحكومة الشرعية ودعم مليشيات انفصالية، وأخيراً خذلان الجيش في الجوف.
سخط بمستوى رفيع
ولم يعد السخط حكراً على المستوى الشعبي فوصل إلى مستوى رسمي يمني رفيع، حيث انتقد مستشار الرئيس اليمني ورئيس الوزراء السابق، أحمد عبيد بن دغر، التحالف السعودي الإماراتي، وغرد على حسابه بموقع “تويتر”، يوم الجمعة، قائلاً: “لا ينبغي لهذا التحالف العربي الواسع وقد أُوتي من القدرات والدعم العربي والإسلامي والغطاء الدولي أن يخسر هذه المعركة ذات الطابع المصيري”.
وأضاف: “لقد صمد العكيمي ورفاقه 40 يوماً (أمين العكيمي محافظ الجوف). صمدوا ولم يكن معهم سوى قليل من الزاد والعتاد، وسطَّر أبطال الجيش الوطني وأبناء الجوف ملحمة أخرى في المواجهة مع الحوثيين”، في إشارة إلى عدم الإسناد لصد هجوم الحوثيين.
6-لا ينبغي لهذا التحالف العربي الواسع وقد أوتي من القدرات والدعم العربي والاسلامي والغطاء الدولي أن يخسر هذه المعركة ذات الطابع المصيري،ليس هناك ما يعوض هذه الخسارة إن حدثت في ضل قيادته الحكيمة، وما يعتقده البعض مكسباً تثبت الأحداث المتلاحقة أنه وهماً، وترتيباً غير موفقاً للخصوم.
— د. أحمد عبيد بن دغر (@ahmedbindaghar) March 6, 2020
إذن فإن الحكومة اليمنية الشرعية تضعف يوماً بعد آخر، فالمحافظات الجنوبية تحت سيطرة مليشيا انفصالية، والمحافظات الشمالية معظمها تحت سيطرة مليشيا موالية لإيران، والتحالف -لا سيما بشقه الإماراتي- لم يعد ملتزماً استعادة الشرعية كما تقول مجريات الميدان؛ بل يعمل ضد استعادتها، فهل انتهت الدولة اليمنية الواحدة؟ وما الخيارات أمام اليمنيين لاستعادة الدولة من دون التحالف؟
مهمة صعبة وخيارات
تبدو المهمة صعبة، خصوصاً أن الحكومة اليمنية التي اتكأت على التحالف منذ الوهلة الأولى للحرب، “ينقصها الكثير للاستمرار في خوض المعركة، بالإضافة إلى غياب الرؤية”، كما يقول بن دغر في تغريداته، وهو المسؤول الرفيع العليم بما يدور في الكواليس، وهي إشارة توضح عجز الحكومة بوضعها الراهن عن إدارة معركة تحرير البلاد دون إسناد خارجي.
في حديثه لـ”الخليج أونلاين” يرى المحلل السياسي اليمني الدكتور نبيل الشرجبي، أن “أمام اليمنيين خيارين: الأول إن لم تبقَ دولة يمنية واحدة فنحن مؤهلون للدخول في أكثر من دولتين، والخيار الأسوأ هو الذهاب إلى دعم الطرف الذي سوف يُبقي الوحدة ولو بالدم والنار والحديد”.
أما رئيس مركز أبعاد للدراسات عبد السلام محمد، فيرى أن “الدولة اليمنية في عُرف القانون الدولي باقية ولها اسم وعَلم في الأمم المتحدة، وكل الحركات المسلحة في الشمال والجنوب التي فرضت واقعاً خارج إطار الدولة حركات تمرد، مناطقي كما “الانتقالي”، أو سلالي كما الحوثية”.
وتابع في حديثه لـ”الخليج أونلاين”: “هذه حركات فرضت وضعاً طارئاً لا يمكن أن يتحول إلى واقع إلا بإرادة الشعب اليمني في استفتاء أو انتخابات، وأمامنا نموذج واضح: صومال لاند، رغم أنها حققت تنمية في زمن الحرب وبنت نظاماً سياسياً في وقت كان نظام مقديشو منهاراً تماماً، فإنها لم تجد اعترافاً دولياً إلى اليوم”.
ويؤكد الباحث السياسي اليمني أن “الوضع الهش الذي تعيشه الدولة اليمنية حالياً امتداد لحكم النظام السابق، الذي أوصل اليمن إلى مستوى الدول الهشة مع نهاية 2009، حسب التقارير الدولية”.
وأوضح عبد السلام أنه “حين تضعف الدول تصعد المشاريع الطارئة على ظهر الحركات المسلحة، وفي اليمن عاد مشروع الإمامة في الشمال، والاستعمار بالجنوب؛ في محاولة لتقسيم البلاد وإعادتها إلى ما كانت عليه، وبانقلاب 21 سبتمبر 2014 الحوثي على الحكومة سقطت السيادة وفُتح الباب أمام التدخلات العسكرية الخارجية على مصراعيها”.
واختتم رئيس مركز أبعاد حديثه، بأنه لن تعود السيادة اليمنية الإ بانتهاء الحرب وفرض النظام والقانون على الجميع وإنهاء التمرد وإسقاط مشاريع الإمامة في صنعاء والاستعمار في عدن.
كسر الصمت والتحرك
يبدو أنه لا مفر أمام اليمنيين من رص الصفوف والاعتماد على الذات لاستعادة دولتهم، ففي هذا السياق دعا القيادي في المقاومة الشعبية الحسن أبكر، العلماء والقادة والساسة والمشايخ والإعلاميين والمثقفين والأكاديميين اليمنيين إلى تحمُّل مسؤولياتهم التاريخية والوطنية؛ للعبور باليمن إلى بر الأمان.
وفي منشور على صفحته بـ”فيسبوك”، خاطبهم بقوله: “اخرجوا من صمتكم، وغادِروا مربع المصالح الضيّقة إلى مصلحة الوطن الجامعة العليا، عليكم أن تتوحدوا وتتكتلوا.. والوصول إلى خارطة طريق لدعم الشرعية، والضغط على قيادة الدولة العليا لتصحيح المسار ووقف التدهور”.
وأضاف: “علينا جميعاً ألا نصمت على تمزيق بلادنا وتدمير مؤسسات دولتنا وتركها فريسة للمليشيات الانقلابية والمتمردة وجماعات المصالح الضيقة والشلل المناطقية والحزبية، لأن الخاسر الأكبر هو الوطن والمواطن. فلو صمتنا جميعاً، فالليل سيطول والهلاك سيعمُّ، وأحلام الشعب سوف تتبخر”.
وأكد “أبكر” أن من الضروري “التحرك العاجل، وتكوين مجموعات للضغط والمتابعة على القيادة السياسية، فالقيادة أيضاً ربما تكون تتعرض لضغوط كبيرة من الخارج ومن الداخل؛ ومن ثم موقفنا سيكون سنداً لها لا عليها، وداعماً ومسانداً لتفكيك القيود التي تكبلها”.
من جهته اقترح عضو مجلس الشورى اليمني صلاح باتيس: “على الرئيس عبد ربه منصور هادي، تفويض قيادة ميدانية لإدارة المعركة السياسية والعسكرية والدبلوماسية والاقتصادية والإعلامية مع جماعة الحوثي، أصبح (ذلك) ضرورة عاجلة”.
وشدد باتيس في تغريدة نشرها على “تويتر “، على “اختيار أنجح وأقوى وأنزه وأشجع الشخصيات الذين ثبتوا في الميدان، وشهد لهم العدو قبل الصديق، وسيرى النصر الحقيقي”.
الأخ الرئيس
تفويض قيادة ميدانية لإدارة المعركة السياسية والعسكرية والدبلوماسية والاقتصادية والاعلامية مع مليشيا الحوثي أصبح ضرورة عاجلة
يتم اختيار هذه القيادة من أنجح وأقوى وأنزه وأشجع الشخصيات الذين ثبتوا في الميدان وشهد لهم العدو قبل الصديق
وسترى النصر الحقيقي#صلاح_باتيس— صلاح باتيس (@SalahBatis) March 7, 2020
المصدر – الخليج أونلاين