تقارير

“النتائج العكسية”.. كيف ساهمت السعودية في زيادة قوة الحوثيين وإيران في اليمن؟!

“النتائج العكسية”.. كيف ساهمت السعودية في زيادة قوة الحوثيين وإيران في اليمن؟!

تغيَّر وضع جماعة الحوثي كثيرا منذ بدء الحرب وحتى اليوم، وازدادت قوة كما يُلاحظ من خلال تكثيف هجماتها على المملكة العربية السعودية، أو الأسلحة الجديدة التي تُعلن عنها من وقت لآخر، بخلاف التوقعات التي ظهرت بعد تدخل التحالف العربي في اليمن في مارس/آذار 2015.

قبل انقلاب الحوثيين على الدولة، لم يكونوا بعد يشكلون قوة كبيرة، وتغذت الجماعة على حليفها النظام السابق برئاسة علي عبدالله صالح الذي كان لا زال الجيش تحت إمرته، وطوال تلك الفترة بدأت تلك المليشيات بالتخطيط للاستحواذ على كل شيء، واستقطاب قيادات مختلفة أبرزها العسكرية، ولجوئها إلى التجنيد، والتنكيل بالخصوم.

مع تعرض السعودية لهجمات كثيرة من الحوثيين بعضها كانت شديدة، إلا أنها غالبا ما كانت تكتفي بالتنديد وإصدار البيانات التي توضح حجم الخسائر، ووصف تلك العمليات بالإرهابية.

استمر الوضع كذلك، حتى بدأ يُلاحظ حجم تأثير هجمات الحوثيين على السعودية، والتفاعل مع دعواتهم التحالف العربي للتفاهم معهم والتوصل لاتفاقات محددة.

مؤخرا، أصبحت قنوات التواصل بين الحوثيين والرياض أكثر وضوحا، وكانت مكثفة برغم محاولة التعتيم حول تفاصيلها وما يدور في غرف المحادثات التي غالبا ما يكون مقرها سلطنة عُمان بوصفها الدولة التي تقوم بدور الوسيط غالبا.

وتترنح السعودية من وقت لآخر في مواقفها ضد الحوثيين، فتارة تبدي رغبتها بالتفاهم معهم، وأخرى تقول إن السلام غير مُجدٍ معهم، وبذلك تثار كثير من التساؤلات حول سبب ما يجري، وعدم تقليم المملكة لأظافر إيران في اليمن مُبكرا.

مسارات خاطئة

في محاولة لفهم تساهل السعودية مع الحوثيين، حتى أصبحوا يشكلوا تهديدا فعليا لها اليوم، يقول الكاتب والباحث في الشؤون السياسية موسى قاسم، إن الرياض لم تحارب مليشيات الحوثي منذ تدخلها في اليمن بالمعنى العسكري للحرب، فهي اتخذت مسارين كلاهما لا يؤديان إلى هزيمة تلك الجماعة.

المسار الأول، كما يوضح لـ”اليمن نت” هو استخدام الضربات الجوية التدميرية سواء للمواقع العسكرية أو التجمعات المدنية المشتبه بها في المحافظات الشمالية، وتسببت في تدمير وحدات الجيش والعتاد العسكري الذي كان يخضع لثنائي الانقلاب علي عبدالله صالح- الحوثي، لاسيما الأول.

وعن نتيجتها فقد دمرت قوة صالح، في المقابل أدت الضربات إلى تقوية الحوثيين كون نشوئهم عسكريا منذ حروب صعدة كان على شكل عصابات متنقلة وسريعة الحركة، ما جعلها تستفيد من ذلك على المدى القريب وقبل أن تتخلص منه في ديسمبر/كانون الأول 2017م، مما جعلها القوة الوحيدة الموجودة على الأرض في المناطق الخاضعة لسيطرتها.

أما المسار الثاني، يفيد الباحث قاسم فيتمثل بتسليم الرياض جزءاً كبيراً من مسرح العمليات الحربية لدولة الإمارات التي لها أجندة لا تمت بصلة للمصلحة اليمنية العليا، ولذا لعبت أبوظبي دوراً معرقلاً في طريق اليمنيين لهزيمة المليشيا الحوثية، من خلال إيجاد مليشيات انفصالية في محافظات الجنوب تدين لها بالولاء وتناهض الحكومة الشرعية ما تسبب في إبقائها خارج اليمن حتى اليوم.

ووفقا لقاسم فقد أطال كذل ذلك أمد الحرب، وتمكنت مليشيات الحوثي من فرض سيطرتها على أجزاء كبيرة من محافظات الشمال، وسعيها للحصول على أسلحة نوعية من إيران عن طريق التهريب، مؤكدا أن ما ساعد في ذلك هو عدم دعم المملكة للجيش الوطني بشكل كافي.

وبخصوص ما إذا تحول الحوثيون إلى قوة تهدد السعودية فعليا وهي غير قادرة للتصدي لهم، واللجوء إلى إيجاد حلول سلمية معهم، يرى الباحث قاسم أن ذلك بات حقيقي، ليس بسبب قوة تلك الجماعة، بل لكونها جزءا من المشروع القومي الفارسي في المنطقة الذي بات يطوق الرياض من كل الجهات، مستطردا ” لولا بقاء مليشيا الحوثي لما ضربت أرامكو في أبقيق قبل أشهر، سواء أكان المنفذ الحوثي أم إيران أم المليشيات التابعة لها في العراق”.

رهان غير واقعي

ويبدو بالنسبة للمحلل السياسي فؤاد مسعد أن تقدير التحالف العربي بقيادة السعودية لقوة الحوثي التي هي جزء من قوة إيران، لم تكن دقيقة، وهذا ما تكشفت عنه تطورات الحرب في اليمن بعد نحو ٥ سنوات من نشوبها.

وأفاد لـ”اليمن نت” القيادة السعودية كانت إلى وقت قريب تراهن على إحداث اختراق في جماعة الحوثي يؤدي إلى إضعافها أمام التحالف والقوات الحكومية ميدانيا وسياسيا، أو من خلال الدفع بالحوثيين للتحاور مع الرياض بعيدا عن طهران، ومنحهم بعض الضمانات والامتيازات مقابل تخليهم عن إيران حليفهم الاستراتيجي.

بيد أن تلك الرهانات أثبتت فشلها خاصة بعد تصفية الولايات المتحدة الأمريكية للقائد العسكري الإيراني الأبرز قاسم سليماني، حيث خرجت جماعة الحوثي مثلها مثل كل الأذرع الإيرانية في دول المنطقة لتتعهد بالثأر لمقتله باعتبارهم جزءا من محور الممانعة الذي تقوده إيران لمواجهة خصومها، وفق مسعد.

وذلك يعني –كما يوضح المحلل السياسي اليمني مسعد- أن جماعة الحوثي لن تكون إلا في الخندق الإيراني وليست سوى أداة من أدواتها ولم يعد ممكنا المراهنة على إخراجها من محور طهران، لهذا استفاد الحوثيون من دعم حليفهم غير المحدود وتمكنوا من تهديد الرياض ومصالحها الاستراتيجية في الفترة الأخيرة.

موقع قوة أم ضعف؟

وبرغم تهديد الحوثيين لمصالح الرياض الاستراتيجية، إلا أن ذلك كما يعتقد مسعد، لا يعني ضعف الرياض أمام تهديدات إيران والفصائل المسلحة التي تتبعها. مؤكدا أن المملكة ما زال بمقدورها إلحاق الهزيمة بالحوثيين إن هي أعادت النظر في آليات جادة تتحرك في الميدان وعلى كافة الجبهات.

وهو ما يتفق معه الباحث قاسم الذي أكد أن السعودية قادرة على ضرب الحوثي وإخماده إلى الأبد، فقط لو أنها صدقت مع الشرعية ودعمت الجيش الوطني لاقتحام صنعاء.

لكن الرياض من وجهة نظره لا تريد ذلك لأسباب لا أحد يعلمها، ربما لأجندتها الخفية التي تؤدي في نهاية المطاف إلى وجود يمنين، أحدهما خاضع للكهنوت الإمامي وآخر بيد مليشيات انفصالية موهومة بدولة لن يعترف بها أحد، بل ستبقى مثل صوماليا لاند تهيمن عليها القوى الخارجية الإقليمية والدولية.

وبشأن ما يدور حول المحادثات بين السعودية والحوثيين، يتوقع قاسم أن تكون الحلول مؤقتة من جانب المليشيات، لأن مشروعها يتجاوز تلك الاتفاقات، وستستخدمها مرحليا لاستعادة الأنفاس، والاستمرار في تنفيذ مخطط طهران الذين لن يتوقف إلا في مكة.

وخلص بالقول إن: “السعودية “تأكل نفسها”، وسيأتي اليوم الذي تندم فيه على التفريط باليمن استجابة لأحقاد تاريخية لا قيمة لها في الألفية الثالثة، كما ندمت على التفريط بالعراق الذي بات هو الآخر يهددها على حدودها الشرقية”.

وتواصل حتى اليوم جماعة الحوثي استهداف السعودية بصواريخها، أو بشن هجمات عبر طائرات مسيرة، في الوقت ذاته تتحدث مصادر عديدة عن استمرار وصول أسلحة إيرانية إلى تلك المليشيات.

المصدر – اليمن نت

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى