تقارير

إفلاس شركات وانحدار تدريجي.. ماذا يحدث لاقتصاد السعودية؟

تتسارع معدلات التراجع والأزمات في الاقتصاد السعودي، بحسب ما تعلن مؤسسات دولية وجهات رسمية بالمملكة، لتشهد مزيداً من الهزات بصورة غير مسبوقة.

وأظهرت المؤشرات المعلنة للاقتصاد السعودي من قِبل تلك الجهات، حالة المعاناة التي يعيشها اقتصاد أكبر منتِج للنفط في العالم، والتي كان آخرها إفلاس شركات كبيرة، واستمرار العجز في ميزانية البلاد.

وتشير تقارير دولية إلى أن السعوديين كانوا يتمتعون بأوضاع اقتصادية جيدة نسبياً في السابق، بفضل العائدات النفطية التي تحصل عليها بلادهم، لكنهم بدؤوا يشعرون خلال السنتين الأخيرتين بأن ظروفهم المعيشية قد تدهورت كثيراً، بسبب السياسات المتخبطة لبلادهم، والحرب المستمرة في اليمن منذ مارس 2015.

ناقوس الخطر

ودق عضو مجلس الشورى السعودي، عبد الله الحربي، ناقوس الخطر بإعلانه خلال مداخلة له بالمجلس، أن 10 حالات إفلاس لشركات سجلت في يوم واحد، في مؤشر على التدهور الاقتصادي الذي تعاني منه المملكة.

وأوضح “الحربي” أن هناك مؤشرات على زيادة معدل إفلاس الشركات، مؤكداً وجود زيادة في عدد القضايا التي يتم النظر فيها بالمحاكم التجارية بنسبة بلغت 60% خلال عام واحد.

وكشف عن 10 حالات إفلاس سجلت في اليوم الأول من جمادى الأولى (27 ديسمبر 2019)، مشيراً إلى أن هذا مشهد في يوم واحد بمحاكم الإفلاس بالمملكة، بحسب ما أوردته صحيفة “المدينة” المحلية.

وقال إن التعامل مع موضوع الإفلاس يعتبر من مهام وزارة التجارة والاستثمار، إلا أنها لم تتطرق له في تقريرها، مبيناً أن عدد الشركات التي دخلت مرحلة الإفلاس تزايدت في السنوات الأخيرة.

وشدد على أن الإفلاس يُعد مؤشراً غير جيد للاقتصاد، وخاصة للمستثمر الأجنبي الذي يفكر في الدخول للسوق السعودي، كما أن له آثاراً سلبية على مستوى الاقتصاد الوطني ككل يأتي في مقدمتها زيادة نسبة البطالة.

500 قضية إفلاس!

في 24 أغسطس 2019، كشفت صحيفة “الاقتصادية” السعودية أن عدد قضايا الإفلاس في المحاكم التجارية السعودية، منذ بداية العام الهجري حينها، بلغ نحو 500 قضية.

وأفادت الصحيفة بأن المحكمة التجارية بالرياض استحوذت على 73.6 % من إجمالي هذه القضايا، بواقع 368 قضية.

وأشارت إلى أن المحاكم التجارية بجدة تنظر في 75 قضية إفلاس، في حين تنظر المحكمة التجارية بالدمام في 54 قضية.

وكانت لجنة الإفلاس السعودية كشفت، في أبريل الماضي، عن تقديم عشرات الشركات طلبات تطالب فيها بإشهار إفلاسها، بسبب الأزمة الاقتصادية التي ضربت السوق السعودية.

وبحسب ما نشرته لجنة الإفلاس حينذاك، فإن 33 شركة طلبت البدء بإجراءات التصفية، وإشهار الإفلاس، ومن بين هذه الشركات نحو 14 مختصة بالمقاولات، بما نسبته 42% من عدد الشركات المفلسة.

تراجع فائض الميزان التجاري الخارجي

وشهد فائض ميزان تجارة السعودية الخارجية (النفطية وغير النفطية) انخفاضاً بنسبة 6.1 بالمئة على أساس سنوي في النصف الأول من 2019.

وكشفت بيانات صادرة عن الهيئة العامة للإحصاء بالسعودية، نُشرت في 26 أغسطس 2019، أن فائض الميزان التجاري بالمملكة بلغ 67.1 مليار دولار، مقارنة بفائض الفترة المناظرة من 2018، والذي بلغ نحو 71.4 مليار دولار.

وانخفضت قيمة الصادرات السلعية (النفطية وغير النفطية) بنسبة 4.7 في المئة، إلى 133.7 مليار دولار، في حين تراجعت الواردات 3.1 بالمئة، إلى 66.7 مليار دولار.

كما هبطت قيمة الصادرات “النفطية” للسعودية خلال الفترة المذكورة بنسبة 4 في المئة‏، إلى 104.5 مليار دولار.

تراجع أرباح “سابك” و”أرامكو”

ومع استمرار أزمات السعودية الاقتصادية المتصاعدة، والتي تسببت في خسائر كبيرة لعدد من الشركات، شهدت أرباح الشركة السعودية للصناعات الأساسية “سابك” تراجعاً كبيراً خلال الربع الثاني من 2019، بنسبة 68.3 في المئة على أساس سنوي إلى 2.12 مليار ريال (566 مليون دولار)، من 6.7 مليارات ريال (1.79 مليار دولار) بالفترة المماثلة من العام الماضي.

وأعلنت الشركة، في أواخر يوليو الماضي، تراجع صافي أرباحها، بنسبة 54.7 في المئة على أساس سنوي خلال النصف الأول من 2019، بسبب تراجع أسعار بيع المنتجات.

وقالت “سابك” في بيان، إن صافي أرباحها بلغ 5.52 مليارات ريال في النصف الأول من العام الحالي، مقابل 12.2 مليار ريال في الفترة المقابلة من 2018.

كما تراجعت أرباح شركة “أرامكو” السعودية، كبرى شركات النفط في العالم، بنسبة 12% في النصف الأول من السنة المالية، لتصل إلى 46.9 مليار دولار؛ إثر هبوط في أسعار النفط العالمية.

وأكدت الشركة، في بيان لها، أواخر أغسطس الماضي، أنها أنتجت متوسط 10 ملايين برميل من النفط الخام يومياً، مزودة “نحو 100٪ من طلبات العملاء من النفط والمنتجات المكررة”.

عجز في الميزانية

وسجلت السعودية عجزاً في الميزانية العامة للدولة بالربع الثاني من 2019، بلغ 33.52 مليار ريال سعودي (8.9 مليارات دولار)، في حين ارتفعت قيمة الدين الداخلي والخارجي627 مليار ريال (167.3 مليار دولار).

وأعلنت السعودية في 30 يوليو الماضي، التقرير الربعي لأداء الميزانية العامة للدولة للربع الثاني من السنة المالية 1440/ 1441هـ (2019م)، وذكرت أن الإيرادات في الربع الثاني من عام 2019 بلغت نحو 260.706 مليار ريال، والنفقات نحو 294.226 مليار ريال، ليبلغ عجز الميزانية خلال الربع الثاني نحو 33.52 مليار ريال سعودي.

وأوضحت أن إجمالي الإيرادات ارتفع بنسبة 1% في النصف الأول من 2019، لكن في المقابل زاد إجمالي النفقات بنسبة 6%، في حين ارتفع الدين العام للمملكة العربية السعودية بنسبة 12.1% بنهاية النصف الأول من العام المالي الحالي، وفقاً لبيانات وزارة المالية.

وأظهر التقرير الربعي ارتفاع قيمة الدين المحلي والخارجي إلى 627.849 مليار ريال، مقارنة بـ559.980 مليار ريال (149.2 مليار دولار) بنهاية العام الماضي.

خسائر ضخمة لشركات كبيرة

وفي إطار أزمتها أظهرت نتائج بيانات مالية نُشرت في أبريل 2019، تكبُّد عشرات من الشركات السعودية خسائر ضخمة، بينها شركة “نادك” التي تفاقمت خسائرها بنحو خمسة أضعاف على أساس سنوي.

وذكر تقرير لصحيفة “الاقتصادية” السعودية، أن أكثر من 50 شركة مدرجة بالبورصة سجلت خسائر في 2018، فارتفعت خسائر 13 شركة منها، مشيراً إلى أن 24 شركة أخرى سجلت خسائر مقابل أرباح في 2017، في حين قلّصت الشركات الـ13 المتبقية خسائرها مقارنة بالعام ذاته.

وأضاف التقرير: “إن 62 شركة أخرى سجلت تراجعاً في الأرباح بالعام الماضي، في مقدمتها (الصقر للتأمين) بنسبة تراجعٍ قدرها 96.1%، وشركة نادك (الشركة الوطنية للتنمية الزراعية) بنسبة 95.6%”.

وكان ما تكبدته الشركة الوطنية للتنمية الزراعية “نادك” من صافي خسائر، بقيمة 48 مليون ريال، في الربع الرابع من عام  2018 (الدولار يساوي 3.75 ريالات)، مقارنة بخسائر بلغت 7.61 ملايين ريال في الربع المماثل من 2017، بارتفاعٍ نسبته 529.2%، بحسب ما أورده موقع “مباشر إنفو”.

وحسب القطاعات سجل قطاعا “الفنادق والسياحة” و”التشييد والبناء” خسائر لكل منهما في عام 2018 مقارنة بأرباحٍ في عام 2017، إذ بلغت خسائر الأول 18.49 مليار ريال، في 2018، أما قطاع “التشييد والبناء” فبلغت خسائره في 2018، نحو ملياري ريال، مقابل أرباحٍ قيمتها 142.7 مليوناً في 2017، وفق ما أوردته صحيفة “الاقتصادية” السعودية.

رؤية السعودية 2030 مغامرة

واعتبر الخبير في الشؤون الاقتصادية عامر النهاري، أنّ “رؤية السعودية 2030” التي أعلن عنها ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، “مغامرة تدخل في إطار تكتيكات العلاقات العامة للمملكة”، مشيراً إلى أنها لا تقل خطورة عن مغامرته السابقة في اليمن.

وأوضح النهاري في حديث لـ”الخليج أونلاين”، أن الإحصائيات التي تحدثت عن أن الاحتياطي النفطي لدى المملكة 716 مليار برميل أسطورية، وأن إصلاحات بن سلمان التي أعلن عنها وإنشاء صندوق استثمار عالمي بقيمة تريليوني دولار، فضلاً عن بيع أسهم في شركة النفط السعودية الحكومية “أرامكو”، سيطاح بها جميعاً قبل الموعد النهائي للرؤية في 2030.

وأوضح أن الاحتياطي النفطي في المملكة أقل بكثير مما تتحدث عنه السعودية، وهو ما اتضح في تسريبات سابقة لـ”ويكيليكس”، التي كشفت أنّ سفارة الولايات المتحدة في الرياض حذرت واشنطن من أن الاحتياطي النفطي لدى المملكة أقل بـ40% مما هو متوقع.

وأكد أن تراجع الأرباح لكبرى الشركات السعودية، ومغادرة كثير من الشركات ورجال الأعمال الذين كانوا في المملكة، يؤكدان أن السياسات التي تنتهجها المملكة “كارثية”، مضيفاً: “ربما لن تتضح الآن نتائج هذه السياسات، لكن خلال الأعوام القادمة سيُصدَم المواطنون السعوديون مما سيرونه من تدهور في الاقتصاد، بسبب مغامرة المراهق بن سلمان”.

وأضاف: “المتمعن للوضع الاقتصادي في السعودية والتقشف الذي نال من المواطن، يرى إلى أين وصل اقتصاد السعودية، كما أن تراجع أرباح معظم الشركات السعودية يدل بشكل واضح، على أن هناك خللاً كبيراً في اقتصاد المملكة، الذي ربما لن ينهار بشكل كلي، لكن سيتضرر بشكل كبير وستنعكس آثاره على المواطن”.

المصدر – الخليج أونلاين

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى