ناشونال إنترست: ابن سلمان أكبر مشكلة لواشنطن في الشرق الأوسط
مركز جزيرة العرب للدراسات والبحوث – متابعات
اعتبر الكاتب “دانيال أر ديبتريس” في مقال نشره على موقع “ذي ناشونال إنترست” إن الولايات المتحدة تواجه مشكلة كبيرة في الشرق الأوسط، اسمها محمد بن سلمان.
وأشار الكاتب إلى تزلف الكاتب المعروف في صحيفة “نيويورك تايمز” توماس فريدمان، الذي امتدح ابن سلمان، عندما اعتبره النسخة العربية لنيلسون مانديلا، وعلق الكاتب أن محمد بن سلمان عاد مرة أخرى إلى عناوين الأخبار، وكما هي العادة بطريقة سلبية.
وأشار الكاتب إلى الأخبار التي نشرت الأسبوع الماضي عن اختراق ابن سلمان هاتف مالك شركة أمازون “جيف بيزوس” لغرض ابتزازه، وإسكات نقاده على صفحات الصحيفة التي يملكها الملياردير بيزوس، والتي شببها الكاتب برواية تجسس كتبها توم غلانسي، ولكنها نسخة حقيقية.
وقال المقرران الخاصان بالأمم المتحدة، “أغنيس كالامارد” و “ديفيد كي”، في بيان مشترك لهما، في 22 يناير: “تقترح المعلومات التي تلقيناها إمكانية تورط ولي العهد السعودي في عملية تجسس في محاولة للتأثير -إن لم تكن إسكات- التقارير التي تنشرها صحيفة واشنطن بوست”.
وأضاف البيان: “تعزز الاتهامات التقارير الأخرى التي تكشف عن أشكال من الرقابة المستهدفة لمن يعتقد أنهم معارضون ومن ينظر إليهم بعين الأهمية للمملكة سواء كانوا من المواطنين أو غير المواطنين“.
وأضاف الكاتب أنه تم الكشف عن هذه الأشكال من التجسس في الأيام التي تبعت نشر أخبار اختراق هاتف بيزوس، حيث نشر موقع “ديلي بيست” أخباراً عن محاولة أخرى للملاحقة، حيث التقى “سبنسر إكرمان” بالمعارض السعودي “عبد الرحمن المطيري”، الذي قال إن السعودية لاحقته وحاولت اختطافه عبر عميل سعودي، لكن مكتب التحقيقات الفدرالي أفشل الخطة.
ونفت السعودية بشدة تورط محمد بن سلمان في قضية بيزوس، ولم ترد بعد على تقرير ديلي بيست، وقالت سفارة السعودية في واشنطن عن التقارير التي تشير إلى تورط ولي العهد بالقرصنة، إنها “سخيفة”، وهي نفس الكلمة التي استخدمها وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان آل سعود.
وقال الكاتب أن هؤلاء المسؤولين يمثلون نفس البلاد، التي أكدت طوال الخمس السنوات الماضية أنها تجنبت في القصف على اليمن استهداف المدنيين، رغم وجود الأدلة التي تناقض هذا الكلام، من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ولجنة الخبراء في نفس المنظمة الأممية، والأمين العام للأمم المتحدة ومنظمة هيومان رايتس ووتش وأمنستي إنترناشونال.
وأضاف أنها أيضاً نفس البلاد التي حاولت التستر على قتل الصحافي المشارك في صحيفة “واشنطن بوست” جمال خاشقجي في إسطنبول، وقالت إنه خرج من القنصلية سالما كما دخلها، لكن قتله على يد فرقة سعودية أرسلت من أجل إسكات صوته الناقد لولي العهد. مشيراً إلى أن “سي آي إيه” قيمت بعد عملية القتل أن هناك درجة متوسطة إلى عالية من الثقة أن ابن سلمان هو من أمر بقتله.
وعلق الكاتب أن قمع وملاحقة المعارضين وسجنهم بناء على اتهامات واهية؛ ليس أمراً جديداً في الشرق الأوسط، فكل دولة في المنطقة متورطة في شكل من أشكال القمع، فقد شن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قمعا داخليا قاسيا وملاحقة لا تتهاون مع النقد. مشيراً إلى الانقلاب الذي قاده ضد الرئيس المنتخب محمد مرسي.
وأضاف أن تركيا العضو في الناتو، تعتبر من أكثر الدول في العالم سجناً للصحفيين، فيما قام بشار الأسد الذي لا يتسامح مع النقد بقصف مدن بأكملها، بدلا من القبول بإصلاحات سياسية حقيقية، قد تضعف سلطته نوعاً ما.
كما تعتبر إيران خبيرة في إخماد التظاهرات، وقتلت في العام الماضي مئات المتظاهرين الذي احتجوا على الزيادة في أسعار الوقود، كما قتلت قوات الأمن العراقية خلال الأشهر القليلة الماضي، مئات المتظاهرين الذين تحدوا النظام السياسي الفاشل، واحتجوا على الظروف المعيشية الصعبة، ومن كل ذلك؛ لا نتوقع من السعودية التصرف بطريقة مختلفة عن الأنظمة الديكتاتورية بالمنطقة.
وقال الكاتب: “في الحقيقة، السعودية ليست دولة استثنائية، وهي بالتأكيد ليست مثيرة للاهتمام، كما أنها واحدة من حكومات مستبدة في بحر من الدول الديكتاتورية، كما تتصارع مع إيران الدكتاتورية إقليمياً” وأضاف: “تدخلت السعودية في العراق وسوريا وإيران واليمن، وأي دولة لدى طهران مصلحة فيها، وجعلت هذه الدول الأربع ساحة تنافس، خصوصاً اليمن، التي قصفت وتم إعادتها إلى العصر الحجري على يد الطيارين السعوديين الذين لا يعرفون أهدافهم، ويقصفون بدون اعتبار للمدنيين“.
وأضاف الكاتب أنه لا يستطيع حتى أذكى دبلوماسي سعودي، أو وزير بارع في التلاعب بالحقائق، ولا تستطيع أي شركة علاقات عامة تبرير قصف أفقر دولة عربية، ونشر البؤس والفقر والمرض فيها، أو التبرير أن ذلك يخدم الاستقرار.
وعلق الكاتب أن إدارة الرئيس ترامب خاصة، والمسؤولين في واشنطن عامة، يصبحون كمن يمشي على قشر البيض عندما يتعلق الأمر بالسعودية، حيث يتحفظ المسؤولون الأمريكيون عن نقد السعودية خشية بحث العائلة المالكة عن حليف جديد في الصين أو روسيا.
ويرى الكاتب أن هذا الكلام مبالغ فيه، خاصة أن فلاديمير بوتين وشي جين بينغ حليفان لا يعتمد عليهما، ويتغيران بسرعة.
واختتم الكاتب بالإشارة إلى أن قطع العلاقات الأمريكية السعودية سيكون له آثار سلبية، خصوصاً أن لديهما مصالح مشتركة في مجال الطاقة ومكافحة الإرهاب. مستدركاً إن الرياض ليست شريكاً بارزاً في هذ العلاقة، لكنها تحتاج الولايات المتحدة أكثر مما تحتاجها الأخيرة. وحتى يتم الاعتراف بهذه الفرضية في أزقة البيت الأبيض؛ فهناك خطر من سوء فهم حجم المصالح في الشرق الأوسط، وأن من غير الحكمة أو غير الضروري، بل من التهور القفز والدفاع عن السعودية دائماً.