أخبار

واشنطن بوست: ما الذي يعنيه حكم قضية خاشقجي السافر بالنسبة للمعارضين العرب؟!

مركز جزيرة العرب للدراسات والبحوث – ترجمة خاصة

 نشر الناشط الحقوقي المصري “محمد سلطان” مقالاً على صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية، تحدث فيه عن تداعيات السكوت عن قضية مقتل خاشقجي، بعد الأحكام الصادرة مؤخراً من الرياض، وكيف سيؤثر ذلك على المعارضين العرب في الخارج، معتبراً أن توقيت إعلان الأحكام ليس من قبيل الصدفة.

وقال في المقال الذي ترجمه “مركز جزيرة العرب للدراسات والبحوث” إن أي متابع عادي كان يتوقع أن تسير إجراءات المحاكمة في السعودية وفق نفس السيناريو، الذي سار بدون أدنى إجراءات قانونية، أو سيادة للقانون، وأن تمضي في تقديم متهمين ككبش فداء، لصرف الانتباه عن تورط قيادة المملكة.

واعتبر سلطان، وهو مؤسس “مبادرة حرية”، أن محاكمة السعودية السرية في مقتل جمال خاشقجي، إجهاض مقيت للعدالة، تعلن بدء مرحلة جديدة مضطربة، ومثيرة للقلق، بالنسبة للمعارضين.

وأضاف الكاتب، أن الجراءة الوقحة لدفن أشهر قضية قتل في العقد الماضي في نهاية العام الحالي هي أكثر جرأة تقريبًا من الجريمة نفسها، التي وقعت منتصف النهار على أرض أجنبية ، داخل بعثة دبلوماسية.

وقال إن الحكم، يوضح تزايد جرأة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان؛ بعد الحكم بإعدام خمسة، وسجن ثلاثة، وتبرئة المتهمين الرئيسيين في القضية.

واعتبر أن توقيت إعلان الحكم لم يكن من قبيل الصدفة، فقد استغل السعوديون انخفاض نشاط الإعلام والحكومات الغربية، خلال أعياد رأس السنة، إضافة لتركيز وسائل الإعلام الأمريكية على عزل الرئيس دونالد ترامب ومحاكمته في مجلس الشيوخ.

ويبدو أن وسائل الإعلام الناقدة باللغة العربية خففت من تغطيتها لقضايا السعودية؛ لاستيعاب التقارب بين قطر والسعودية. وهذه كلها أمور أساسية تسهل محاولة المملكة دفن مقتل خاشقجي في عام 2020.

وأضاف الكاتب، أن الحكم عكس شعوراً لدى ابن سلمان؛ أنه نجا من أسوأ موجة انتقادات في تاريخ المملكة الحديث، وأنه لم يحصل فقط على حصانة تبعده عن أي محاسبة على جريمة القتل ؛ بل إنه مد هذه الحصانة إلى شركائه، بينهم “سعود القحطاني”، الذي لم يكن سراً أنه اليد اليمنى لابن سلمان.

وقال أنه “بعد حوالي شهرين من دخول جمال إلى منفاه الاختياري في سبتمبر 2017 ، كنت حاضراً أثناء مكالمة بين جمال والقحطاني، وطلب مني جمال تسجيلها، وكانت مكالمة قصيرة ، دقيقة واحدة و 42 ثانية“.

وأضاف “بدأ القحطاني مكالمته بالحديث عن نفوذه الشخصي”. مشيرًا إلى أنه كان يتحدث نيابة عن ابن سلمان، الذي طلب منه أن يشكر جمال على تغريداته، وأن الحكومة السعودية تؤيدها، معلناً أنها سترفع الحظر المفروض على قيادة النساء. مضيفاً أن القحطاني أخبر جمال أن ابن سلمان يتابع أعماله عن كثب، وأنه سعيد برؤية كتاباته على تويتر.

وأشار الكاتب إلى أن خاشقجي أجاب على عجل، مبلغاً تحياته للأمير، وقال للقحطاني: “أخبر سموه أن من واجبي كشخص وطني أن أشيد بالإصلاحات الإيجابية التي اتخذتها الحكومة“.

وأوضح الكاتب أنه كان من الممكن أن يتوقف خاشقجي عن نشاطه هناك بسهولة، والاستفادة من العلاقة التي بناها للتو مع أقوى رجل في المملكة، وطلب رفع حظر السفر عن ابنه، لكنه لم يفعل.

وقال الكاتب إن خاشقجي تابع كلامه، في الوقت الذي ارتعشت يده بشكل لا يمكن السيطرة عليه، وارتجف صوته، قائلاً: “عندما تكون هناك مخالفات، سننتقد“.

وعلى الرغم من الخوف الشديد الذي كان يشعر به، فقد استغل خاشقجي بقية المكالمة للمطالبة بشدة للإفراج عن السجناء السياسيين والمثقفين والكتاب والدعاة، وسمّى بعضهم على عجل، داعياً إلى إطلاق سراحهم.

وقال الكاتب إن نبرة صوت القحطاني سرعان ما تحولت إلى نبرة عدوانية، فقاطع خاشقجي، قائلاً: “هؤلاء خونة، ويشكلون تهديداً للأمن القومي”. لكن جمال تحداه، مؤكداً أنهم وطنيون، ومحبون لبلادهم. عندها أنهى القحطاني المكالمة بخيبة أمل، قائلاً إنه سيكشف الأدلة على خيانة المعتقلين السياسيين في الوقت المناسب.

وقرن الكاتب شجاعة خاشقجي، بتفسير لعلم النفس، أن النجاة من قتل وشيك ومحتم؛ يزيد من شجاعة الناجين، والرغبة الكبيرة في المخاطرة. وهذا ما زاد من إصرار ابن سلمان والقحطاني على مواصلة الأعمال الوحشية، والتخلص منه.

وأشار الكاتب إلى احتفال القحطاني بتبرئته، ونشره قصيدة تحتفل بالنصر، وقيامه بحملة على وسائل التواصل الاجتماعي، وعلى التلفزيون الوطني.

وقال إن مقتل خاشقجي لم يأتِ من فراغ، حيث عكس الصورة القبيحة لجميع الجرائم التي ارتُكبت بحق سكان المنطقة العربية منذ الربيع العربي، والافتقار المطلق إلى المساءلة.

والآن، مع هذه الجريمة الوحشية التي تبعها الإفلات المذهل من العقاب، فإنها مع مضي الدكتاتوريين قدمًا؛ تطرح السؤال التالي: ما الذي يتوقعه المنشقون أكثر من ولي العهد ورفاقه؟

فعندما يتحرك الجميع في قضية خاشقجي؛ فإن الأمر لا يتعلق فقط بالعدالة التي يستحقها جمال، أو حتى أصدقاؤه وعائلته. فالأمر يتعلق أيضًا بالردع، حتى لا يُقتل ناقد آخر، أو يُختطف، أو يُعتدى عليه.

واختتم الكاتب مقاله بالقول: “عندما نسعى لتحقيق العدالة والمساءلة، فإننا لا نسعى للانتقام من مقتل جمال؛ نحن نحاول الحصول على مستقبل آمن، يمكن أن نعيش فيه دون خوف دائم من الاغتيال والتقطيع، وإذا ما أغلقنا كتاب مقتل خاشقجي دون مساءلة مناسبة، فلن يكون هذا أمرًا شاذًا، بل سيكون معيارًا جديدًا للقمع“.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى