حكومات ومنظمات وشخصيات حقوقية: أحكام السعودية بقضية خاشقجي هزلية وغير مقبولة
مركز جزيرة العرب للدراسات والبحوث – متابعات
لاقت الأحكام التي أصدرتها السلطات السعودية، الاثنين، بحق المتهمين بقتل الصحفي جمال خاشقجي، انتقادات وإدانات واسعة، من قبل حكومات، ومنظمات حقوقية، وشخصيات، وناشطين.
واعتبر الكثير أن هذه الأحكام الصادرة غير مقبولة، لأنها تعد تنصلاً عن تحقيق العدالة، ومحاولة فقط لتلميع صورة السعودية، مطالبين بإجراء تحقيق دولي عادل وشفاف، يضمن العدالة.
ووصفت “أغنيس كالامارد”، مقررة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بحالات الإعدام خارج القضاء ، محاكمة السعودية لقتلة الصحافي المعارض جمال خاشقجي بـ”الهزلية“.
وقالت كالامارد، التي سبق أن حققت في مقتل خاشقجي، في حسابها على موقع تويتر: “تمت إدانة القتلة المأجورين وحُكم عليهم بالإعدام. أما العقول المدبرة فلم تتم تبرئتهم فقط ؛ وإنما أيضاً لم تكد التحقيقات أو المحاكمة تتطرق إليهم” مضيفة “هذا هو نقيض العدل. إنها المهزلة“.
وأشارت إلى إن الحصانة التي شهدتها محاكمة خاشقجي تكشف بوجه عام عن القمع السياسي، والفساد، والتعسف في استخدام السلطة والدعاية، وحتى التواطؤ الدولي، “فكل ذلك موجود في السعودية”.
وأضافت كالامارد: “وفقًا لمصادري ، جادل المدعي العام بأن قتل السيد خاشقجي كان متعمدًا، لكن ولي العهد عارضه، وجادل بأن القتل كان حادثاً. خمّنوا: من الذي اتبعه القاضي؟“.
ولفتت إلى أنه كان من المفترض أن تجرى تحقيقات لكشف العقول المدبرة “وكذلك من حرضوا وسمحوا وغضوا الطرف عن الجريمة، مثل ولي العهد“.
كما نددت “خديجة جنكيز”، خطيبة الصحافي السعودي المقتول جمال خاشقجي، بتبرئة المسؤولين السعوديين البارزين من الاتهام بمقتله، مؤكدة أنه إعلان “غير مقبول”.
ونشرت جنكيز عبر حسابها على “تويتر” صورة من بيان النيابة السعودية اليوم، علقت عليها بالقول إن “الإعلان السعودي غير مقبول”.
وأدانت تركيا، اليوم الاثنين، الأحكام السعودية بإعدام خمسة أشخاص وسجن ثلاثة في قضية مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي.
وقال “حامي أقصوي” المتحدث باسم الخارجية التركية، إن “الأحكام المعلنة اليوم أبعد ما تكون عن تحقيق العدالة … وبعيدة عن تحقيق توقعات بلادنا والمجتمع الدولي بكشف كل جوانب هذا القتل، إلى جانب تحقيق العدالة”.
كما أدان وزير الخارجية البريطاني “دومينيك راب” هذه الأحكام ، وقال في بيان له: “يجب على السعودية ضمان محاسبة جميع المسؤولين عن قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، وعدم تكرار مثل هذه الجرائم الشنيعة، وعائلة خاشقجي تستحق أن ترى العدالة تتحقق“.
وأكدت منظمة “هيومن رايتس ووتش” لحقوق الإنسان، أن العدالة ستظل غائبة عن قضية اغتيال الكاتب الصحفي السعودي “جمال خاشقجي” طالما لم يتم الإعلان عن الشخص الذي أصدر الأمر بقتله.
وقال المدير التنفيذي للمنظمة “كينيث روث” على حسابه بتويتر “من الصعب أن نشعر بالعدالة على جمال خاشقجي بينما لم تبذل محاكمة السعودية للقتلة أي جهد علني لتحديد من أصدر الأمر بقتله“.
وأشار “روث” إلى أن الحكم على 5 من المتهمين، وفق الحكم الابتدائي، هدفه المزيد من التعتيم على تفاصيل الجريمة، عبر إعدام هؤلاء الذين يعرفون الكثير عن القضية.
واعتبرت “منظمة العفو الدولية”، أن الأحكام المعلنة، عبارة عن مجرد تلميع فقط، ولا يجلب العدالة الحقيقية لجمال خاشقجي ومحبيه، خصوصاً بعد إغلاق المحاكمات أمام الجمهور والمراقبين المستقلين ، مع عدم توفر معلومات عن كيفية إجراء التحقيق.
وقالت “لين معلوف” مديرة أبحاث الشرق الأوسط في منظمة العفو الدولية: “لقد أخفق الحكم في التطرق إلى تورط السلطات السعودية في هذه الجريمة المروعة، أو الكشف عن مكان وجود رفات خاشقجي“.
وأشارت معلوف إلى أن المحاكم السعودية تمنع بشكل روتيني المتهمين من مقابلة المحامين، وتدين الأشخاص حتى الموت بعد محاكمات جائرة للغاية، وأضافت “بالنظر إلى انعدام الشفافية من قبل السلطات السعودية ، وفي غياب القضاء المستقل ، لا يمكن تحقيق العدالة لجمال خاشقجي إلا بوجود تحقيق دولي مستقل ونزيه“.
وأدانت منظمة “مراسلون بلا حدود” هذه الأحكام، مشيرة إلى أن العدالة “لم تحترم” في قضية مقتل الصحفي السعودي “جمال خاشقجي“.
وقال “كريستوف دولوار” الأمين العام للمنظمة: “لم تحترم المحاكمة مبادئ العدالة المعترف بها دولياً، وهذا الحكم قد يكون “وسيلة لإسكات الشهود على الاغتيال إلى الأبد“.
وأضاف “يمكننا التشكيك في طبيعة هذه القرارات.. لا يمكن للسعودية أن تعيد بناء صورتها بالتعامل مع العدالة بمثل هذه الطريقة“.
كما طالبت منظمة “القسط” لدعم حقوق الإنسان في السعودية، بإجراء محاكمة دولية عادلة، مؤكدة أنها ترفض الأحكام الصادرة في قضية خاشقجي، بشكل قاطع، معتبرة أن المحكمة غير عادلة وغير مستقلة، كون المتهم الحقيقي لا يمثل أمام المحاكم، كما أن إعدام مباشري العملية هو قتل لشهود القضية.
من جهتها اعتبرت جمعية “بيت الإعلاميين العرب” بتركيا أن الأحكام التي أعلنت عنها السلطات السعودية ، في قضية اغتيال الصحفي “جمال خاشقجي”، “غير كافية”، وتهدف إلى “غلق ملف القضية” وليس الوصول إلى الحقيقة.
وقالت الجمعية في بيان لها “بعد مرور ما يقارب 15 شهراً على جريمة اغتيال صديقنا المقرب وأحد أعضاء جمعيتنا؛ جمال خاشقجيتم اليوم إصدار حكم بإعدام خمسة أشخاص، سجن ثلاثة، لكننا نقول بأن هذه القرارات لن تثنينا عن المتابعة، والبحث عن الحقيقة“.
وأعلنت النيابة العامة في السعودية، خلال مؤتمر صحفي عقدته بالرياض، الاثنين، إن المحكمة قضت بإعدام خمسة من المتهمين في الجريمة، وبالسجن لمدد إجمالها 24 عاماً لثلاثة متهمين آخرين، وبراءة 3 من المدعى عليهم “لعدم ثبوت إدانتهم في القضية“.
ولم تذكر النيابة أسماء الأشخاص المحكوم عليهم بالإعدام أو السجن، لكنها قالت إنها حققت مع المستشار السابق بالديوان الملكي “سعود القحطاني”، المقرب من ولي العهد ابن سلمان، ونائب رئيس الاستخبارات السعودية السابق “أحمد عسيري”، دون توجيه تهم لهما، وأن القنصل السعودي بإسطنبول “محمد العتيبي” أثبت تواجده في مكان آخر وقت مقتل “خاشقجي“.
وكانت المقررة الأممية “أجنيس كالامارد”، قد نشرت تقريراً في يوليو/تموز الماضي، خلصت فيه إلى أن النظام السعودي يتحمل مسؤولية اغتيال “خاشقجي” وأكدت وجود أدلة موثوقة تستوجب التحقيق مع مسؤولين سعوديين كبار، بينهم ابن سلمان.
وتسبب قتل الصحفي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في إسطنبول، في أكتوبر 2018، بموجة غضب عالمية ضد السعودية، نتج عنها مقاطعات اقتصادية كبيرة، إضافة لتشويه صورة السلطات السعودية، المشوهة أصلاً بالقمع الداخلي، والحرب على اليمن.