تقرير أمريكي: لهذا السبب فشلت السعودية في تمرير مشاريعها في “المهرة” اليمنية

مركز جزيرة العرب للدراسات والبحوث – متابعات
نشر موقع “المونيتور” الأمريكي تقريراً سلط فيه الضوء على “السلطنة العفرارية” أو ما يعرف حالياً بمحافظة المهرة في اليمن، وتطرق التقرير إلى الأطماع السعودية في محافظة المهرة، والتواجد العسكري فيها، إضافة إلى رفض القبائل لهذا التواجد.
وتطرق “تقرير” الذي كتبه “سيباستيان كاستيليه ” إلى الأسباب التي أفشلت نوعاً ما مشروع الرياض، وقال إن ذلك يرجع إلى استياء القبائل المهرية، ورفضها الشديد لهذا التواجد، معتبرة تواجد القوات السعودية على أراضيها غزواً واحتلال.
وأشار التقرير إلى رغبة السعودية في مد أنابيب نفط عبر محافظة المهرة، وصولاً إلى بحر العرب؛ لتجنب عبور ناقلات النفط عبر مضيقي هرمز، أو مضيق باب المندب.
ونقل “المونيتور” عن السلطان “عبد الله بن عيسى بن علي آل عفرار” ، الذي كان والده الراحل السلطان الأخير في سلطنة المهرة في قشن وسقطرى، رغبته في الانفصال تماماً في حال بقيت الظروف على ما هي عليه، وإحياء سلطنتهم من جديد.
يذكر أن السلطنة العفرارية انتهت في عام 1967 ، وتم دمج المنطقة مع جنوب اليمن الذي توحد لاحقاً مع اليمن الشمالي في 1990 ، مما أدى إلى انتهاء حكم الأسرة المتوارث منذ القدم.
وأشار التقرير إلى أن اللجنة الأمنية في المهرة أعطت الضوء الاخضر لدخول القوات السعودية إلى محافظة المهرة، والتي وصلت تحت عدة أعذار، مثل المساعدات الإنسانية والتنمية الاقتصادية للمحافظة، إضافة إلى مزاعم مراقبي الأمم المتحدة بأنه من المحتمل تهريب الصواريخ إلى الحوثيين على طول “الطرق البرية مع عمان، أو عبر مطار الغيظة، أو ميناء نشطون في محافظة المهرة…” .
لكن سرعان ما خرقت السعودية الاتفاق، بعد إنشاء قواعد عسكرية في المحافظة، وسيطرتها على مطار الغيظة وميناء نشون، ما أدى إلى حدوث تحول في العلاقات (السعودية – المهرية) والتي بدأ تسليط الضوء عليها في مايو 2018 خلال بيان أطلقته قبائل المهرة لمواجهة هذه الأطماع.
ومنذ ذلك الحين ، أثارت تحركات القوات السعودية جدلاً حادًا بين القبائل في المهرة ، فمع اندلاع الاحتجاجات للتنديد بـ “غزو” ثاني أكبر محافظة في اليمن؛ ظهرت آراء تدعو إلى الانفصال، وتكوين دولة مستقلة هناك.
وتطرق التقرير إلى إنشاء القوات السعودية خمس قواعد عسكرية منتشرة في جميع أنحاء المحافظة كجزء من شبكة واسعة تتكون من 16 موقعًا عسكريًا. و يتراوح عدد أفرادها بين 1500 و 2000 آلاف. وهو ما اعتبره المهريون “احتلالاً لمدنهم وموانئهم“.
وقال السلطان آل عفرار “لقد صُعقنا، وتساءلنا عن سبب تواجدهم هنا، لأنه ليس لدينا حوثيون ولا دواعش ولا تنظيم قاعدة، لا يوجد مستهدفون هنا” وأكد أن ” التحالف الذي تقوده السعودية ضل طريقه في اليمن؛ فوجه قوته نحو الاحتلال“.
وأضاف التقرير أن الكثيرين في المهرة يتوافقون على الرأي القائل بأن السعودية تستغل الحرب في اليمن للمضي قدمًا في مد خط أنابيب للنفط عبر المحافظة. وهو المشروع الذي تم رفضه في التسعينات من قبل الرئيس آنذاك علي عبد الله صالح ، والذي كان سيمكّن السعودية من نقل نفطها عبر محافظة المهرة ، وتوفير جزء كبير من تكاليف النقل، عبر تجاوز مضيقي هرمز وباب المندب.
وأشار التقرير إلى مضي السعودية قدماً في جدول أعمالها لتشكيل مستقبل اليمن، خصوصاً بعد توقيع اتفاق الرياض، بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال، والذي رفضته معظم قبائل المهرة، واعتبره تدخلاً في شؤون تخص اليمن.
ترفض “المهرة” أيضاً التدخلات الأجنبية في شؤونها المحلية ، خصوصاً بعد تدخل الرياض لإقالة محافظ المهرة السابق، وتعيين “راجح سعيد باكريت” المؤيد لها، والمرفوض من قبل الكثيرين في المهرة، حيث يتخذ جميع قراراته من السعودية.
وأكد “آل عفرار” للموقع ” أن السعودية، وعبر كسبها ولاء باكريت ؛ بدأت بدعم حركة مسلحة في مدينة قشن ، في محاولة لتشديد حملتها السياسية العسكرية. اعترض السكان وأفشلوا هذا المخطط، ولم يعد هناك أي مسلحين”. وأضاف “نريد أن نكون مستقلين، ولدينا دولة مستقلة، ولدينا حريتنا الخاصة ونختار من يحكمنا لحمايتنا وحماية ثقافتنا“.
وقالت “المونيتور” أن محافظة المهرة التي تتمتع بموقع استراتيجي بين ثلاث دول هي اليمن والسعودية وسلطنة عمان؛ تواجه تحديات كبيرة بالفعل، حيث تتصارع السعودية وعمان على بسط النفوذ هناك، لكن أبناء المهرة يميلون إلى سلطنة عمان، لاعتبارات تاريخية وثقافية.
وتطرق الموقع إلى تقرير للصحفي اليمني يحيى السواري، أكد فيه أن “التواصل العماني مع أبناء المهرة، هو خطوة لكبح النفوذ الإماراتي المتزايد في المهرة“.
وأكدت “المونيتور” أن السلطان “آل عفرار” رغم الخلاف مع السعودية إلا أنه لم يوقف الحوار تماماً معها؛ فقد دعاه المسؤولون السعوديون لإجراء محادثات في سبتمبر، حيث تحدث خلال هذه المباحثات مع الجانب السعودي بكل شفافية، وصارحهم بنظرة القبائل المهرية تجاههم.
وقال الموقع أن “آل عفرار” يرغب حالياً في تقديم تنازلات في حال بقي اليمن موحداً ؛ عبر إعطاء المهرة حكماً ذاتياً (فيدرالياً)، فهو يرغب أن تظل المهرة أرضًا مسالمة، عبر إعطائها حكماً ذاتياً داخل الدولة.
واختتم التقرير بالإشارة إلى أن السلطان “آل عفرار” رفض في عام 2014 الدعوات الموحدة لأبناء المهرة، التي طالبت بالاستقلال، و إحياء سلطنة المهرة ، إلا أنه حالياً مستاء من منطقته “لعدم توحيد جهودها كما كانت من قبل” ، مضيفًا “إنهم يحاولون (السعودية) تقسيمنا“.