أخبار

“بروكنجز”: هل يكبح وصول الديمقراطيين للبيت الأبيض جماح بن سلمان؟

مركز جزيرة العرب للدراسات والبحوث – ترجمات

 شهد الأسبوع الماضي عاصفة أخبار عاتية شغلت الرأي العالمي، منها جلسات الاستماع لمحاكمة الرئيس “دونالد ترامب” ، والمناظرة بين المرشحين الديمقراطيين للرئاسة ، إضافة للتهم التي تم توجيهها لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وسط هذا الضجيج من الأخبار؛ كان من السهل تفويت جزء مهم من نقاش مرشحي الرئاسة الديمقراطيين: تعليقات نائب الرئيس السابق “جو بايدن” غير العادية نحو المملكة العربية السعودية.

قال بايدن أثناء المناظرة إنه يتعين على الولايات المتحدة أن تجعل السعودية “تدفع الثمن” لمقتل جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في اسطنبول قبل أكثر من عام. وأضاف أنه سيجعل المملكة “منبوذة” إذا فاز بالرئاسة. ووعد بإنهاء مبيعات الأسلحة للسعوديين، مشيراً إلى أن الحرب التي تشنها السعودية في اليمن تعتبر “كارثة إنسانية” حيث “يقوم السعوديون بقتل الأطفال”. وأضاف إنه “كان هناك القليل جداً من الإصلاحات الاجتماعية في القيادة السعودية الحالية“.

كانت رسالة بايدن واضحة تجاه ولي العهد محمد بن سلمان. وبدا واضحاً تأييد بقية المرشحين، إذ لم يعارضه أي أحد في النقاش، أو حاول حتى الدفاع عن السعودية.

 تصريحات بايدن تعتبر بياناً مهماً حول حالة العلاقة الأمريكية مع المملكة. يعود تاريخ شراكتنا الوثيقة مع السعودية إلى عام 1943 ، عندما استضاف الرئيس “فرانكلين روزفلت” اثنين من الملوك السعوديين المستقبليين ، هم الأميرين فيصل وخالد ، في البيت الأبيض لافتتاح أقدم علاقة تربط الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وكل رئيس منذ ذلك الحين أكد أهمية هذه العلاقة. حتى بعد الحظر السعودي على مبيعات النفط للولايات المتحدة في عام 1973 ، سافر الرئيس ريتشارد نيكسون إلى المملكة، وأشاد بالملك فيصل والعلاقة بين البلدين.

زار الرئيس باراك أوباما السعودية أربع مرات أثناء رئاسته ، على الرغم من بعض الجمود في العلاقة بعد الربيع العربي. باعت إدارة أوباما أسلحة إلى السعودية ، بزيادة عن الرؤساء السابقين تقدر بأكثر من 100 مليار دولار. وقد دعمت إدارة “أوباما-بايدن” الحرب السعودية في اليمن دبلوماسياً وعسكرياً.

جاء الدعم على الرغم من عدم وجود استراتيجية سعودية لتحقيق نتيجة نهائية لهذه الحرب، من شأنها أن تحقق الاستقرار في البلاد. وبدلاً من ذلك ، أصبحت اليمن مستنقعاً بالنسبة للسعوديين ، حيث تكلف الحرب أكثر من 25 مليار دولار سنويًا.

تأتي تعليقات بايدن في أعقاب زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي “نانسي بيلوسي” غير العادية إلى الأردن، بعد الهجوم الإيراني على منشآت النفط السعودية المهمة في بقيق في سبتمبر الماضي. وقالت بيلوسي إن الولايات المتحدة ليس لديها أي التزامات بالدفاع عن المملكة. ووعدت بالتصويت لوقف مبيعات الأسلحة للسعوديين. وأدانت بشدة القتل الوحشي لخاشجي وتقطيع جثته.

 

إن قيام اثنين من كبار الديمقراطيين بإدانة القيادة السعودية علانية في وقت تتعرض فيه المملكة لهجوم من إيران؛ يعتبر أمراً غير مسبوق. ويأتي هذا النقد من الوسط المعتدل للحزب. فالمزيد من الديمقراطيين من يسار الوسط مثل عضوة الكونغرس “إلهان عمر” هم من المنتقدين أيضًا. وقد قالت إن العلاقة “غير أخلاقية” و “سخيفة” وتعتبر مثل “أن تطلب من لص أن يقوم بحراسة متجرك”. ودعوا لوقف شحنات الأسلحة إلى السعودية.

إن  التصريحات الصارمة، واليأس الذي لم يسبق له مثيل تجاه أقدم شريك لنا في الشرق الأوسط تشير إلى وجود أزمة في العلاقة، وقد تنتهي بعد حوالي عام واحد فقط؛ إذا ما وصل الديمقراطيون إلى البيت الأبيض.

شهدت العلاقة صعودًا وهبوطًا على مر العقود السابقة، بما في ذلك توترات حظر النفط، والدور الذي لعبه مواطنون سعوديون في هجمات 11 سبتمبر. لكن الضغوطات الأخيرة كان سببها قضايا سياسية. فهذه المرة السبب الرئيسي هو “شخصية ولي العهد” وسلوكه الخطير وغير المنتظم الذي تسبب بالمشاكل.

وقفت إدارة ترامب إلى جانب رجلها ، متجاهلة مقتل كاتب عمود في صحيفة “واشنطن بوست” ، وقامت بإعادة القوات الأمريكية المقاتلة إلى المملكة بعد غيابها لمدة 15 عامًا. لكنها كانت مترددة في استخدام القوة ضد إيران. وقال الرئيس صراحة “إن هجوم بقيق كان على المملكة العربية السعودية، ولا تلتزم به الولايات المتحدة“.

بعد صدمة هجوم بقيق –الذي كشف بوضوح مدى تأثر البنية التحتية النفطية السعودية– حاولت السعودية تحسين صورتها الملوثة. فقامت بتقليص الغارات الجوية على اليمن بنسبة 80٪ هذا الشهر. و تجري محادثات مع المتمردين الحوثيين برعاية الأردن وسلطنة عمان والمملكة المتحدة. وتأمل الأمم المتحدة أن يتم التوصل إلى تسوية سياسية للحرب في العام المقبل. لقد تم تخفيف مقاطعة قطر. لكن هذ التغييرات يمكن أن تنقلب بسهولة.

مستقبل العلاقة السعودية الأمريكية أصبح اليوم موضع شك بشكل أكبر من أي وقت مضى. لقد فقدت الدعم من الحزبين.  ويبدو أنه في نوفمبر المقبل قد تكون العلاقة على سرير الإنعاش.

المصدر: معهد بروكنجز للسياسة العامة

بقلم: بروس ريدل

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى